للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَفّاراً، فأرسلِ السماءَ علينا مِدْراراً " (٩).

قالَ الشافعيُّ: وأُحبُّ للإمامِ أن يدعوَ بهذا.

قلتُ: وفي السُّننِ شواهدُ عن أنسٍ (١٠)، وجابرٍ (١١)، وكَعْب بنِ مُرّةَ (١٢) وغيرِهم.

تقدَّمَ حديثُ عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ في تحويلِ الرّداءِ.

وفي حديثِ أنسٍ الذي في الصحيحين: " أنّ رجلاً دخَلَ المسجدَ يومَ جُمُعةٍ، ورسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قائمٌ يخطُبُ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ هلَكَت الأموالُ، وانقطَعتِ السُّبلُ، فادْعُ اللهَ يُغِيثُنا، فرفعَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يديهِ ثُمَّ قال: اللهُمَّ أغِثْنا، اللهُمَّ أغِثْنا، اللهُمَّ أغثْنا، قال أنسٌ: ولا والله ما نرى في السماءِ من سحابٍ ولا قَزَعةٍ، وما بينَنا وبينَ سَلْعٍ من بيتٍ ولا دارٍ، قال: فطلَعت من ورائِهِ سَحابةٌ مِثلُ التُّرْسِ، فلما توسَّطت السماءَ انتشَرت ثمَّ أمطَرت، فلا واللهِ ما رأينا الشمسَ سبتاً، ثمَّ دخلَ رجلٌ من ذلك البابِ في الجُمعَةِ المقبلةِ ورسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قائمٌ يخطبُ فاستقبلَهُ قائماً، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! هَلكتِ الأموالُ وانقطَعتِ السُّبلُ، فادعُ اللهَ يُمسِكْها عنّا، قال: فرفعَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَديهِ، ثمّ قالَ: اللهُمَّ حَوالَيْنا ولا عَلينا، اللهُمَّ على الآكامِ والضِّرابِ، وبُطونِ الأوديةِ ومنابِتِ الشجرِ، قالَ: فأقلَعتُ وخرجْنا نمشي في الشمسِ " (١٣).

ففيهِ دلالةٌ على جوازِ الاسْتسقاءِ خلفَ الصّلواتِ بالدعاءِ، وهذا الحديثُ من المُعْجزاتِ الباهراتِ لنبيِّنا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وفي بعضِ الرواياتِ: " أنَّ السّحابَ انجابَ عن المدينةِ انجيابَ الثوبِ حيث أشارَ عليهِ السلامُ بيدِهِ ذهبَ السحابُ حتّى صارتِ المدينةُ في مثل الإكليلِ، يُمطرُ ما حولَها، ولا تُمْطرُ هيَ " (١٤).


(٩) رواه الشافعي (١/ ٢٢٢).
(١٠) رواه أبو داود (١/ ٢٦٨).
(١١) حديث جابر رواه أبو داود (١/ ٢٦٦).
(١٢) حديث كعب بن مرة عند البيهقي (٣/ ٣٥٥).
(١٣) رواه البخاري (٧/ ٣٧)، ومسلم (٣/ ٢٤).
(١٤) رواه مسلم (٣/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>