للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن عُبيْدِ اللهِ بن عدِيٍّ بنِ الخَيارِ: " أنَّ رجلين أخبرَاه أنّهما أتيا النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يسألانه من الصّدقَةِ، فقَلّبَ فيهما البَصرَ، فرآهما جَلْدينِ، فقالَ: إن شئْتُما أعطَيْتُكُما، ولا حظَّ فيها لِغَنيّ، ولا لقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ " (٢٢)، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، والنَّسائيّ، وإسنادُهُ على شرطهما، وقالَ الإمامُ أحمدُ: هذا أجودُهما إسْناداً، فيهِ دلالةٌ على قبولِ قولِهِ: أنّهُ لا كسْبَ لهُ، من غيرِ يَمينٍ، وإن كانَ قَوِيّاً، ويُؤَيّدُهُ حديثُ الحسَنِ بنِ عليّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهما، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " للسائلِ حقٌّ، وإن جاءَ على فرَسٍ " (٢٣)، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، وإن كانَ إسنادُهُ ليسَ بذاكَ.

الرابعُ: المُؤَلَّفَةُ: عن أبي سعيد: " أنَّ عليّاً بعَثَ إلى النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بذُهَيْبة في تربتها من اليَمنِ، فقَسمَها رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بينَ أربعةِ نفَرٍ: الأقْرَع بنِ حابسٍ، وعُيَيْنةَ بنِ بَدْرٍ، وعلْقَمةَ بن عُلانةَ، وزيدِ الخيْرِ، وقال: أتألَّفهُم. . الحديث " (٢٤)، أخرجاهُ، فإن كان هذا الذّهبُ من زكاةٍ، ففيه دلالةٌ على جواز نقلِ الزّكاة وإجزائِها، وهو أحدُ القَولينِ، وعلى أنّهُ يجوزُ للإمامِ صَرْفُ زكاةٍ مُعَيَّنةٍ إلى بعض الأصناف، هذا إن لمْ يكنْ كانَ معَ الذّهبِ شيءٌ آخرُ من مالِ الزّكاةِ، وكثيرٌ من المُصَنِّفينَ في الأحكام يَذكُرُ في فَصلِ المؤَلَّفةِ حديثَ رافعِ بنِ حَديجٍ " (٢٥)، وعبدِ الله بنِ زَيْدٍ المازني (٢٦): أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أعطى المُؤَلَّفةَ قلوبُهم يومَ حُنَيْنٍ مائةً من الإبلِ، مائةً من الإبلِ، وكلا الحديثين عندَ مسلم، وهذا عجَبٌ منْهم فإنَّ الإبلَ التي أعطاهمْ منها هيَ من غَنائِمِ حُنَيْنٍ، لَيْستْ من أموالِ الزّكاةِ، فكيفَ يُستَدَلُّ بهِ على إعطاءِ المُؤَلَّفَةِ من الزَّكاةِ، وأقْرَبُ من ذلكَ حديثُ سَهْلِ بنِ أبي حَثْمةَ: " أنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَى عبدَاللهِ بنَ سَهْلٍ بمائةٍ من إبلِ الصّدَقَةِ " (٢٧)، أخرجاهُ.


(٢٢) رواه أحمد (الفتح ٩/ ٩٣) وأبو داود (١/ ٣٧٩) والنسائي (٥/ ٩٩).
(٢٣) رواه أحمد (الفتح الرباني ٩/ ١٢٢)، وأبو داود (١/ ٣٨٧).
(٢٤) رواه البخاري (١٥/ ٢٢٨) ومسلم (٣/ ١١٠)، بالأصل هكذا: " ذهيبة " بالتصغير، وفي رواية عند مسلم " بذهبة " غير مصغرة، والله تعالى أعلم.
(٢٥) رواه مسلم (٣/ ١٠٨).
(٢٦) رواه مسلم (٣/ ١٠٩).
(٢٧) رواه البخاري (٢٤/ ٥٨) ومسلم (٥/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>