للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن أمِّ المؤْمنينَ بدونِ ذكْرِ العُمْرةِ.

وقد رُويَ من حديثِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ شيخِ القَدريّةِ عن الحسَنِ عَن عائشةَ مثْلَ حديثِ ابنِ ماجَةَ، وعَمْرو هذا لا يُحتجُّ بهِ، وفي سماعِ الحسَنِ من عائشةَ نَظَر، والله أعلمُ.

فأمّا حديثُ أبي رَزين العُقَيْليِّ: " قلتُ: يا رسولَ اللهِ: إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يَستطيعُ الحَجَّ والعُمْرةَ ولا الظّعَنَ؟ قالَ: حُجَّ عن أبيكَ واعْتمِرْ " (٩)، فَقد رَواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السُّنَنِ، وصحَّحهُ الترمِذيُّ، قالَ الإمامُ أحمدُ: لا أعلمُ في إيجابِ العُمْرةِ حديثاً أجودَ من هذا، ولا أصحَّ منهُ، وفي هذا نظرٌ، لأنَّ قُصارى هذا الحديثِ أنْ يَدُلَّ على صحّةِ فعلِ الحجِّ والعُمْرةِ عن المَعْضُوبِ، فأمّا أن يدُلَّ على وجوبِ ذلكَ بمُجرَّدِهِ، فلَيْسَ هذا بظاهرٍ.

وأمّا حديثٌ عن زيدِ بنِ ثابتٍ مرفوعٌ: " الحَجُّ والعُمْرةُ فَريضتانِ، لا يَضرُّكَ بأيّهِما بدَأْتَ " (١٠)، فلا يُفْرَحُ بهِ، لأنّهُ رَواهُ الدارَقُطنيُّ من حديثِ إسماعيلَ بنِ مسلمٍ المَكّيِّ وهو ضَعيفٌ جدّاً، والصحيحُ وَقْفُهُ.

وكذا رُويَ موقوفاً عن عليِّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عبّاسٍ، وقالَ أشْعثُ عن ابن سيرينَ: " كانوا لا يختلِفونَ أنَّ العُمْرةَ واجبةٌ "، والله أعلمُ.

القولُ الثاني: عدمُ وجوبِ العُمْرةِ، والدليلُ على ذلك: ما روى الحجّاجُ بنُ أرطأة عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ عن جابرٍ، قالَ: " أتى أعرابيٌّ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ أخبرني عن العُمرةِ، أواجبةٌ هيَ؟ قالَ: لا، وأنْ تَعْتمِرَ خيرٌ لكَ " (١١)، رواهُ أحمدُ، والترمِذِيُّ، وقالَ: حسَنٌ صحيحٌ.


(٩) رواه أحمد (المسند ٤/ ١٠) وأبو داود (١/ ٤٢٠)، والنسائي (٤/ ١١٧)، والترمذي (٢/ ٢٠٤)، وابن ماجة (٢٩٠٦)، قلت: بالأصل: لا أعلم في إيجاب المتعة. . " والصواب: العمرة بدل المتعة.
(١٠) رواه الدارقطني (٢/ ٢٤٨).
(١١) رواه أحمد (الفتح الرباني ١١/ ٥٨) والترمذي (٢/ ٢٠٥)، هكذا بالأصل: " عن العمرة " والظاهر أنه سقط منه شيء مثل كلمة " أسألك عن العمرة " أو ما شابهها.

<<  <  ج: ص:  >  >>