للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رجلٌ: أنُ يُخدعُ في البيوعِ، فقالَ: " مَنْ بايعْتَ فقلْ: لا خِلابةَ " (٩).

وقدْ زعمَ ابنُ القَطّان من أصحابِنا: أنَّ قولَهُ: " لا خِلابةَ "، كنايةٌ في إثباتِ خيارِ الثلاثِ، وليسَ بسديدٍ، لكنَّ الجمهورَ فسّروهُ بنفي الغِشِّ والتدليسِ، [ونصُّ الشافعيِّ] أنَّ إثباتَ الخيارِ لحبّانَ بنِ مُنْقذٍ في كلِّ ما يشتريهِ وإنْ لمْ يَشرطْ الخيارَ، كانَ خاصاً بهِ.

قلتُ: وقدْ جاءَ في الدارَقُطنيِّ حديثٌ يشهدُ (١٠) لهذا، وكلُّ هذا لا يَقْدَحُ في دلالةِ هذا الحديثِ على إثباتِ خيارِ الثلاثِ.

وأما حَصْرُ شَرطِ الخيارِ فيها، فلأنَّ حَبَّانَ بنَ منقذٍ كانَ من أحوجِ الناسِ إلى التَروِّي فيما يشتريهِ، فلو جازَ إثباتُ الخيارِ أكثرَ من ذلك لأَشْبهَ أن يُرشَدَ إليهِ.

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، قالَ: " أتيتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فقلتُ: إني أبيعُ الإبلَ بالبقيعِ، فأبيعُ بالدنانيرِ وآخذُ الدّراهمَ، وأبيعُ بالدّراهمِ وآخذُ الدّنانير!، فقالَ: لا بأْسَ أن تأْخذَ بسعرِ يومِها مالمْ تَتَفرّقا وبينَكما شيءٌ "، رواهُ أحمدُ، وأهلُ السُّنَنِ (١١).

ولبعضِهمْ: " فآخذُ مكانَها الدّراهمَ، وآخذُ مكانَها الدّنانيرَ " (١٢)، وإسنادُ هذا الحديثِ على شرطِ مسلمٍ، وقدْ رُويَ من وجهٍ آخرَ موقوفاً. وفيهِ من الدليلِ امتناعُ الشَّرطِ في المصارَفةِ، وجوازُ بيعِ الثمنِ قبلَ قبضهِ إذا كانَ في اليدِ، وهوَ الصحيحُ من القولينِ.

عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: " أما الذي نَهى عنهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فهو الطعامُ أن يُباعَ


(٩) البخاري (١١/ ٢٣٣) ومسلم (٥/ ١١).
(١٠) الدارقطني (٣/ ٥٦).
(١١) رواه أحمد (الفتح ١٥/ ٧٥) وأبو داود (٢/ ٢٢٤) والترمذي (٢/ ٣٥٦) وابن ماجة (٢٢٦٢) والنسائي (٧/ ٢٨٣).
(١٢) رواية " وآخذ مكانها الدنانير " أخرجها الترمذي (٣/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>