للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أبا بَكْرٍ: إنَّ لكلِّ قومٍ عيداً، وهذا عيدُنا " (٩)، أخرجاهُ.

فقدْ أقرَّ عليهِ السلامُ أبا بكرٍ على قولِه: " مِزْمارُ الشّيطانِ "، وخصّصَ من ذلكَ يومَ العيدِ، وقرَّرَ على فعلِه من مثلِ تِلْكما الجاريَتينِ، فوجبَ العملُ بمقْتضى التّقْريرين، وهذا ما لا شَكَّ فيهِ عندَ أئِمةِ الأصوليين، وكذا يُباحُ مثلُ ذلكَ أو يُنْدَبُ إليهِ في العُرْسِ، كذا عندَ قدومِ الغائبِ لما وردَ في ذلكَ من الأحاديثِ، وقدْ أفردتُ لذلك جُزْءاً على حِدةٍ، وللهِ الحمدُ والمِنّةُ.

وأما حَملُ الخَمرِ، فقدْ تقدّمَ الحديثُ في " لعنِ الخمر من عَشرةِ أوْجهٍ، عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه - الحديث " (١٠).

عن عليّ، قالَ: " جُعتُ مرّةً جوعاً شَديداً، فخرجتُ أطلبُ العملَ في عَوالي المدينةِ، فإذا أنا بامرأةٍ قد جمعتْ مَدَراً فظَننْتها تريدُ بلَّةً، فقاطَعْتها كلَّ ذنوبٍ على تمرةٍ، فمددتُ ستّةَ عشرَ ذنوباً حتى مَحَلتْ يدايَ، ثمَّ أتيتُها فعدّتْ لي ست عشرةَ تمرةَ، فأتيتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فأخبرْتُه، فأكلَ معي مِنها " (١١)، رواهُ أحمدُ، والقاضي يوسفُ بنُ يعقوبَ بإسنادٍ: جيّدٍ قَوِيٍّ.

ورواه ابنُ ماجة من وجهٍ آخرَ.

ورواهُ أيضاً من حديثِ أبي هريرةَ، وابنِ عبّاسٍ.

فاستدَلّوا بهِ على أنهُ لا بُدّ أن تكونَ الأجرةُ والعملُ معلومين، ولا يجوز أن يكونَ واحدٌ منهما مَجهولاً لما فيه من الغَرَرِ، وقد نُهيَ عنهُ.

وعن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ: " أنهُ عليهِ السّلامُ نَهى عن استئجارِ الأجيرِ حتى يُبيِّنَ لهُ


(٩) البخاري (٦/ ٢٦٨) ومسلم (٣/ ٢١).
(١٠) تقدم.
(١١) أحمد (١٥/ ١٢٣) وابن ماجة (٢٤٤٧ عن علي) و (٢٤٤٦ عن ابن عباس) و (٢٤٤٨ عن أبي هريرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>