للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قدْ تقدَّمَ في الإمامةِ: " أنهُ عليهِ السّلامُ استخلفَ على المدينةِ ابنَ أمِّ مَكتومٍ، وكانَ أعمى " (٥)، فَيُؤْخَذُ منهُ صحّةُ الوصيّةِ إليهِ - وهوَ الصّحيحُ من والوجهينِ.

عن ابنِ عمرَ، قالَ: " لمّا بعث رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَريةَ مُؤْتةَ، أمَّرَ عليْهمْ زيدَ بنَ حارثةَ، وقالَ: إن قُتِلَ زيدٌ فجعفرُ، فإن قُتِلَ جعفرٌ فعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ. . الحديث " (٦)، رواهُ البخاريُّ.

فَيُؤْخَذُ منهُ أنهُ إذا أوصى إلى رجلٍ، ثمَّ بعدَهُ إلى آخرَ يجوزُ.

عن عائشةَ، قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " منْ عملَ عملاً ليسَ عليهِ أمرُنا، فهو رَدٌّ " (٧)، راوه مسلمٌ.

فمن أوصى بمعصيةٍ، لا تصحُّ وصيّتُهُ، وكذا من أوصى لوارثٍ أيضاً، لأنها كانتْ واجبةً في ابتداءِ الإسلامِ، ثمَّ نُسِخَ ذلكَ، وجاءَ في النّهي عنها أحاديثُ كثيرةٌ. فمنها: حديثُ قَتادةَ عن شهرِ بنِ حَوْشَبٍ عن عبدِ الرّحمن بنِ غنْمٍ عن عَمْرو بنِ خارِجَةَ، قالَ: " خَطَب رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقالَ: إنّ الله قدْ أعطى كلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ، فلا وصيَّةَ لوارثٍ " (٨)، رواهُ أحمدُ، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجة، والترمذيُّ، وقالَ: حسنٌ صحيحٌ.

رواهُ الدارَقُطني، والبيهقيُّ من حديثِ إسماعيلَ بنِ مُسلمٍ المكيِّ وهو: مَتروكٌ. عن الحسنِ البَصْريِّ عن عَمْرو بنِ خارجةَ، وزادَ: " إلا أن يُجيزَ الوَرَثةُ ".

وفي حديثِ ابنِ عباسٍ، وعمْرِو بنِ شُعَيبٍ عن أبيهِ عن جدّهِ: مثلُ هذهِ الزّيادةِ، ولا يَصحُّ شيءٌ من ذلكَ، على أنّ الشافعيّ روى أصلَ الحديثِ مُرْسَلاً، عن مجاهد:


(٥) تقدم.
(٦) البخاري (١٧/ ٢٦٨).
(٧) مسلم (٥/ ١٣٢).
(٨) أحمد (١٥/ ١٨٨) والنسائي (٦/ ٢٤٧) وابن ماجة (٢٧١٣) والترمذي (٣/ ٢٩٣) والدارقطني (٤/ ١٥٢) والبيهقي (٦/ ٢٦٤) من الطرق الثلاث التي ذكرها ومنها طريق مجاهد المرسل، وزاد طريقاً آخر عن أبي أُمامة لا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>