للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو محمدٍ بنُ حَزْمِ الظّاهريِّ، واعتمدَ عليهِ في هذهِ المسألةِ، وقد عُلِّلَ بما رواهُ الثَّوريُّ عن أبيهِ عن عِكْرمةَ: " أن عمرَ قالَ في أمِّ الولدِ: أعتقَهَا ولَدُها ". وإن كانَ سُقْطاً.

قالَ البيهقيُّ: فرجعَ الحديثُ إلى قولِ عمرَ، وهو الأصلُ في ذلكَ.

قلتُ: ويُؤيّدُ ذلكَ: أنّ الشافعيَّ لما ذكرَ أمَّ الولدِ، وإنّها لا تُباعُ، قالَ: وهو: تقليدٌ لعمرَ بنِ الخطابِ، وهو كما قالَ فيهِ محمدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيْمة كلُّ سُنّةٍ لا تبلغُ الشافعيَّ " (٥)، وهكذا مالكٌ لم يذكر في مُوطئهِ حديثاً مرفوعاً، فإنّما رَوى عن نافعٍ عن عبد اللهِ بنِ عمرَ: " أن عمرَ قالَ: " أيُّما وليدةٍ ولدَتْ من سيِّدها فإنّهُ لا يَبيعُها، ولا يَهبُها، ولا يُورِّثُها، وهو يَسْتَمتعُ بها، فإذا ماتَ فهي حرّةٌ " (٦).

وقد رُويَ هذا من غيرِ وجهٍ عن عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ، وقد حَكى الإجماع على المنعِ من بيعِهنَّ غيرُ واحدٍ من أئمةِ المتأخرين، وعليهِ عملُ الناسِ اليومَ، وحكى فيها آخرونَ خِلافاً، وصنّفَ فيها غيرُ واحدٍ من الفقهاء، وقد أفْردتُ ذلكَ في جُزءٍ على حِدَةٍ، تَلَخّصَ لي فيها أربعةُ أقوالٍ عن الشافعيِّ نفسِهِ، وفي المسألةِ من حيثُ هي ثمانيةُ أقوالٍ، قد فَصَّلْتُها هناكَ، ولله الحمدُ.


(٥) هكذا بالأصل ويظهر سقوط شيء منه كما يدل السياق عليه.
(٦) مالك (٢/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>