للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال اللهُ: " وإنْ خِفْتُم شِقاقَ بَيْنهما فابْعَثوا حَكَماً مِنْ أهْلِهِ وحَكَماً من أهلِها إنْ يُريدا إصْلاحَاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهما إنَّ اللهَ كانَ عَليماً خَبيراً ".

قالَ عَبيدَةُ السلْمانيّ في هذهِ الآيةِ: " جاءَ رجلٌ وامرأةٌ إلى عليّ، ومعَ كلّ واحد منهما فئامٌ من الناسِ، فأمَرهُمْ عليٌّ فَبعثوا حَكَماً من أهلهِ، وحَكماً من أهلِها، ثمّ قالَ للحَكمين: تدريانِ ما عَليْكما؟ إنْ رأيْتُما أن تجمَعا، أن تجمعا، وإنْ رأيْتما أن تُفَرِّقا أن تُفَرِّقا، قالتْ المرأةُ: رَضيتُ بكتابِ اللهِ بما عليَّ فيهِ وليَ، وقالَ الرّجلُ: أمّا الفُرْقةُ، فلا، فقالَ عليٌّ: كذَبْتَ، واللهِ حتّى تُقِرَّ بمثلِ الذي أقرَّتْ بهِ " (٢٥)، رواهُ الشافعيُّ بإسنادٍ صحيحٍ.

ففيهِ دلالةٌ على أنّ الحكمين حاكمانِ حيثُ جعلَ إليهما الجمعَ والتفريقَ، ولمْ يَعتبرْ رِضا الزّوجينِ، وهو الذي صحَّحهُ المُصنّفُ ويُؤيّدُهُ ما.

رواهُ الشافعيّ عن مُسلمِ بنِ خالدٍ عن ابن جُريجٍ عن ابن أبي مُليْكةَ سمعته يقولُ: " بعث عثمانُ ابنَ عبّاسٍ، ومعاويةَ في شأنِ عَقيلِ بنِ أبي طالبٍ، وزوجتِهِ، فاطمةَ بنتِ عُتْبةَ لما وقعَ بينَهما من الخصومةِ، فقالَ ابنُ عبّاسٍ: لأفَرّقنَّ بينَهما، وقالَ معاويةُ: ما كنتُ لأُفرِّقُ بينَ شيخين من بَني عبدِ مَنافٍ، فأصلحا بينَهما " (٢٦).

وصحَّح النّوويُّ أنهما وَكيلان، فعن رضا الزّوجين، لقولِ عليّ للزوجِ: " كذبتَ، حتى تُقرَّ بمثل ما أقرَّتْ بهِ ".


(٢٥) الشافعي (٥/ ١٧٧)، والبيهقي بمثله (٧/ ٣٠٥).
(٢٦) الشافعي (٥/ ١٧٧)، والبيهقي بمثله (٧/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>