للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتلكَ العدّةُ التي أمرَ اللهُ أن يطلَّق لها النساءُ " (٢٠)، أخرجاهُ، ولفظُهُ للبخاريّ.

ولمسلمٍ عن ابنِ عمر: أنهُ طلّقَ امرأتَهُ وهي حائضٌ، فذكرَ ذلكَ عمرُ للنبيّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقال: مُرْهُ فلْيُراجعْها، ثم ليطلّقْها طاهراً أو حامِلاً " (٢١).

قال الشافعيّ: ذكرَ اللهُ تعالى الطّلاقَ في كتابهِ بثلاثةِ أسماءَ: الطّلاقِ، والفراقِ، والسّراحِ، فمن خاطبَ امرأتَهُ فأفردَ لها لها اسماً من هذهِ لزمَهُ الطلاقُ (٢٢)، ولمْ ينوهِ في الحكمِ، وما تكلّمَ بهِ ممّا يُشبهُ الطّلاقَ سوى هذهِ، فليسَ بطلاقٍ حتى يقولَ: كان مخرجُ كلامي على أني نويتُ به طلاقاً، وهو ما أراد من عددِ الطّلاقِ.

قالَ الثوريُّ عن عمادٍ عن إبراهيمَ عن عمرَ: " أنهُ كانَ يقولُ في الخليَّةِ، والبريّةِ، والبتّةِ، والبائنةِ، واحدةٌ، وهو أحقُّ بها " (٢٣)، وهذا مُنقطعٌ.

وروى الشافعيّ عن مالكٍ فيما بلغَهُ عن عمرَ: " أنهُ استحلفَ رجلاً قالَ لامرأتِهِ: حبلُكِ على غاربِكِ، هلْ أرادَ الطّلاقَ أم لا؟ " (٢٤).

تقدّمَ قوله عليهِ السلام للجونيةِ: " إلحقي بأهلكِ، ومَتَّعها " (٢٥). والظاهرُ: أنهُ أرادَ الطّلاق.

وفي الصحيحين عن كعْبِ بنِ مالكٍ: " أنهُ قالَ لامرأتِهِ: إلحقي بأهلكِ حتّى يقضيَ اللهُ في هذا الأمر " (٢٦)، ولم يُرِدْ بهِ الطَّلاقَ، بدليلِ أنهُ لما تابَ اللهُ عليهِ وعلى صاحبيهِ هلالِ بنِ أُميّةَ، ومرارةَ بنِ الرّبيعِ، لمْ يُؤمَرْ بتجديدِ النكاحِ، فدلَّ على أنّ المرجعَ في ذلكَ إلى النيّة وقدْ قالَ عليهِ السّلامُ: " الأعمالُ بالنيّاتِ ".


(٢٠) البخاري (٢٠/ ٢٢٦) ومسلم (٤/ ١٧٩).
(٢١) مسلم (٤/ ١٨١).
(٢٢) هكذا بالأصل، ولعلها: " وإن لم ينوه " حتى يستقيم معنى الكلام.
(٢٣) البيهقي (٧/ ٣٤٣).
(٢٤) الشافعي (٧/ ٢٣٦ الأم مع المسند)، والبيهقي من طريقه (٧/ ٣٤٣، ٣٤٤).
(٢٥) تقدم.
(٢٦) البخاري (١٨/ ٥٠) ومسلم (٢/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>