للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعترَفَ، فأمرَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أن يُرَضَّ رأسُهُ بينَ حَجرين " (٤)، أخرجاهُ. ففيهِ القَودُ بالمثقلِ، وإن الرّجلَ يُقْتلُ بالمرأةِ.

تقدَّمَ حديثُ: " رفعَ عن أُمتي الخطأ، والنسيانُ، وما استكرِهوا عليه " (٥)، فيُؤخذُ منهُ أنّ المكرَهَ على القتلِ، لا يُقْتلُ، وهو أحدُ القولين، وكذا الحديثُ الذي رواهُ أحمد من حديثِ يزيدَ بنِ عبد الله عن رجلٍ من أصحابِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " سُئِلَ رسولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عن القاتلِ والآمرِ، فقالَ: قُسمت النّارُ سبعين جُزءاً، فللآمرِ تِسْعٌ وستّون، وللقاتلِ جزءٌ، وحَسْبُهُ " (٦).

وقالَ الشافعيُّ: فيما بلغَهُ عن حمّادٍ عن قتادةَ عن خِلاسٍ عن عليٍّ: " إذا أمر الرجلُ عبدَهُ أن يقتلَ رجلاً، إنما هو كسيفِهِ أو سَوْطهِ، يُقْتلُ السيّدُ، ويُحبسُ العبدُ " (٧).

قالَ ابنُ المنذرِ: وهذا قولُ أبي هريرةَ، وبهِ يقولُ الشافعيُّ فيما إذا كان العبدُ أعجمياً أو صبيّاً.

عن عليّ: " بعثَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سريّةً واستعملَ عليهِم رجلاً من الأنصارِ، وأمرَهمْ أن يَسمعوا لهُ ويُطيعوا، فأغضبوهُ في شيءٍ، فقالَ: اجمعوا لي حَطباً، فجمعوا لهُ، ثمّ قالَ: أوقِدوا ناراً، فأوقدوا، ثمّ قالَ: ألمْ يأمرْكُمْ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أن تسمعوا لي وتُطيعوا؟، قالوا: بلى، قالَ: فادخلوها، فنظرَ بعضُهم إلى بعضٍ، وقالوا: إنّما فرَرْنا إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ من النّارِ، فكانوا كذلك حتى سكنَ غضبُهُ، فطُفئتْ النّارُ، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقالَ: لو دَخلوها ما خرجوا منها أبداً، وقالَ: لا طاعة لمخلوقٍ في معصيةِ اللهِ، إنّما الطاعةُ في المعروفِ " (٨)، أخرجاهُ. يُؤخذُ منه: أنّ مَنْ أمرهُ السُّلطانُ


(٤) البخاري (١٢/ ٢٥٢) ومسلم (٥/ ١٠٤).
(٥) تقدم.
(٦) أحمد (١٦/ ٥).
(٧) الشافعي (٧/ ١٧٧ الأم)، والبيهقي (٨/ ٥٠) من طريقه، وقال: قالَ الشافعي: قال حمّاد، فذكره بمثله، وقال الشافعي في " الأم ": أخبرنا حماد فذكره.
(٨) البخاري (٢٤/ ٢٢٥) ومسلم (٦/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>