للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلَ خالدٌ يقتلهُمْ، فبلغَ ذلكَ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فرفعَ يديْهِ، وقالَ: اللهُمَّ إني أبرأُ إليمَ ممّ صنعَ خالدٌ، وبعثَ علياً يُؤدي قَتْلاهُم، وما أتلفَ من أموالهم حتّى ميلغةِ الكلبِ " (٥)، رواهُ البخاريُّ بنحوهِ.

يُستدَلُّ بهِ على أنّ ما يُتلفُهُ الإمامُ خطأ: أنهُ يكونُ في بيتِ المالِ، ويُحتَجُّ للقولِ الآخرِ بما رواهُ البيهقيُّ من حديثِ مَطَرِ الوَرَّاقِ عن الحسن البصْريِّ، قالَ: " أرسلَ عمرُ إلى امرأةٍ مغيبةٍ كان يُدخل عليها، فأنكرَ ذلكَ، فقيلَ لها: أجيبي عمرَ، قالتْ: يا وَيلها، ما لها ولعمرَ، فبينما هي في الطّريقِ ضربها الطَّلقُ، فدخلتْ داراً فألقتْ ولدَها، فصاحَ الصَّبيُّ صحتين وماتَ، فاستشار عمرُ الصَّحابة، فأشارَ عليهِ بعضُهم: أنْ ليسَ عليكَ شيءٌ، إنّما أنتَ والٍ ومُؤدِّبٌ، وقالَ: ما تقولُ يا عليُّ؟، فقالَ: إنْ كانوا قالوا برأيهمْ فقدْ أخطأُوا رأيَهُمْ، وإن كانوا قالوا في هَواكَ، فلمْ يَنْصَحوا إليكَ، أرى أنّ دِينَه عليكَ، لأنك أنتَ أفزعْتَها، وألقتْ ولدَها في سبيلِكَ، فأمرَ عليّاً أن يقسِمَ عقْلَهُ على قُريشٍ، فأخذ عقْلهُ من قريشٍ، لأنهُ أخطأ " (٦)، وهذا: منقطعٌ، لأنّ الحسنَ لمْ يُدركْ عمرَ بنَ الخطابِ.

قال الربيعُ عن الشافعيِّ: أمّ الخطأُ فلا اختلافَ فيهِ لواحدٍ علمتهُ، في أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قضى فيهِ الدِّيةَ في ثلاث سنينَ، وذلكَ من يومِ موتِ القتيلِ ".

هكذا أضافَ تأجيلَ الدِّية إلى النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وقدْ أضافهُ في موضعٍ آخرَ من الرّسالةِ إلى قولِ العامّةِ، وكذا حَكى الإجماعَ على ذلكَ أبو عيسى الترمذيّ في جامعهِ.

عن الشَّعبيِّ، قالَ: " جعلَ عمرُ بنُ الخطابِ الدِّيةَ في ثلاثِ سنينَ: وثُلُثي الدِّيةِ في سنتين، ونصفَ الدِّيةِ في سنتين، وثُلُثَ الدّيةِ في سنةٍ " (٧)، رواهُ البيهقيُّ، وهو منقطعٌ كما تقدّمَ.


(٥) البخاري (١٧/ ٣١٣).
(٦) البيهقي (٨/ ١٠٧) معلقاً عن الحسن عن عمر، فذكره باختصار.
(٧) البيهقي (٨/ ١٠٩)، وكذا عنده عن عليّ (٨/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>