للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممّن لمْ يتمكّن الإيمانُ في قلوبِ بعضِهم، كما ذكرهُ موسى بنُ عُقْبة، وغيرُهُ، وشهدَها صفوانُ بنُ أُميّةَ وهو مشركٌ بعدُ، لكنّهُ كانَ حسن الرأيِ في المسلمين، لأنهُ لما قال أخوهُ لأمِّه كلدَةُ بن الحسلِ حينَ ولّى المسلمون مُدبرينَ: بطلَ السّحرُ اليومَ، قالَ لهُ صَفوانُ: اسكتْ، فواللهِ لئن يَرُبّني ملكٌ من قريشٍ أحبُّ إليَّ من أن يَرُبَّني ملكٌ من هوازن، ثمّ أسلمَ بعد ذلكَ، وحسُنَ إسلامُهُ.

ويبدأُ بقتالِ مَنْ يليهِ من الكفّارِ، لقولِهِ تعالى: " قَاتِلوا الّذينَ يَلونَكُمْ مِنَ الكفَّارِ "، كما فعلَ الصّديقُ في قتالِ أهْلِ الرِّدّةِ، ومانعي الزّكاةِ، ثمّ يتصَدّى لقتال أهلِ الكتابِ والمجوسِ، والقِبْطِ، وغيرِهم من الأممِ.

عن عبد اللهِ بنِ عوْنٍ، قالَ: كتبتُ إلى نافعٍ أسألُهُ عن الدّعاءِ قبلَ القتالِ، فكتبَ إليَّ: إنّما كانَ ذلكَ في أوّلِ الإسلامِ، قدْ أغارَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ على بني المُصْطلِق وهم غارّون، وأنعامُهم تُسقى على الماءِ، فقتلَ مُقاتلَهم وسبى سبْيهم، وأصابَ يومئذٍ جُوَيريةَ بنتَ الحارثِ، قالَ: وحدّثني عبدُالله بنُ عمرَ، وكان في ذلكَ الجيشِ " (٣٦)، أخرجاهُ.

عن سُليمانَ بن بُريْدةَ عن أبيهِ، قالَ: " كانَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ومنْ معهُ من المسلمين إذا أمَّر أميراً على جيشٍ أو سَريّةٍ، أوصاهُ في خاصّتهِ بتقوى اللهِ وبمنْ معهُ من المسلمين خيراً، ثمَّ قالَ: اغزوا بسمِ اللهِ في سبيلِ اللهِ، قاتلوا من كفرَ باللهِ، اغزوا ولا تغلّوا، ولا تغدِروا، ولا تُمثِّلوا، ولا تقتلوا وَليداً، وإذا لقيتَ عدوَّكَ من المشركين، فادْعُهم إلى ثلاثِ خِصالٍ، أو خلالٍ، فأيّتهنَّ ما أجابوكَ، فاقبلْ منهم، وكفَّ عنهم، ثم ادعهُمْ إلى الإسلامِ، فإنْ أجابوكَ فاقبلْ منهم، وكفَّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى التحوّلِ من دارِهم إلى دارِ المهاجرين، فإنْ أبوْا أن يتحوّلاو منها، فأخبرْهُم أنّهم إنْ فعلوا ذلكَ، فلهُم ما لِلمهاجرين، وعليْهم ما على المهاجرين، فإنْ أبوا أنْ يتحولوا منها، فأخبرْهُم: أنهم يكونون مثلَ أعرابِ المسلمين، يجري عليهم حكمُ اللهِ الذي يجري على المؤمنينَ،


(٣٦) البخاري (١٣/ ١٠١) ومسلم (٥/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>