للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعةٍ للمشركين يومَ بدرٍ بعدَ إعلامِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إياه بما في ذلكَ من الخيرِ فقُتلَ.

قلتُ: فأمّا قولُهُ تعالى: " وأنفِقُوا في سبيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بأيْديكُمْ إلى التَّهلكَةِ "، فإنّما نزَلتْ في النَّفقةِ في سبيلِ اللهِ كذا قاله ابن عباسٍ، كما رواهُ البخاريُّ عن حُذيفة (٦١).

وقالَ أسلمُ أبو عِمْرانَ: " كنَّا بالقسطنطينية، وعلى أهلِ مصرَ عُقْبةُ بنُ عامرٍ، وعلى أهلِ الشامِ رجلٌ، يريدُ: فضالةَ بنَ عُبيْدٍ، فخرجَ من المدينةِ صفٌّ عظيمٌ من الرّومِ فصَفَفْنا لهمْ، فحملَ رجلٌ من المسلمين على الرّومِ حتّى دخلَ فيهمْ ثمَّ خرجَ إلينا فصاحَ الناسُ إليهِ، فقالوا: سبحانَ اللهِ، ألقى بيدِهِ إلى التّهْلكةِ، فقالَ أبو أيوبَ: " يا أيّها الناسُ، إنكم تتأوَّلونَ هذهِ الآية على غيرِ التأويلِ، وإنما نزلتْ فينا مَعْشرَ الأنصارِ، إنا لما أعزَّ اللهُ دينَهُ وكثرَ ناصروهُ، قُلْنا في ما بينَنا: لو أقبلْنا على أموالِنا، فأصلَحْناها، فأنزلَ اللهُ هذهِ الآية ". رواهُ أبو داودَ (٦٢)، والنّسائيُّ، والترمذيُّ، بنحوهِ، وقالَ: حسنٌ صحيحٌ غريبٌ.

وعن ابنِ مسعودٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " عجبَ ربُّنا من رجلٍ غزا في سبيلِ اللهِ فانهزمَ أصحابُهُ، فعلمَ ما عليهِ فرجعَ حتّى أُهريقَ دمُهُ، يقولُ اللهُ عزّ وجلّ لملائكتِهِ: انظروا إلى عَبْدي رجعَ رغبةً فيما عندي، وشفَقةً ممّا عندي، حتّى أهريقَ دمُهُ " (٦٣)، رواهُ أبو داودَ من حديثِ عطاءِ بنِ السّائبِ، ولا بأسَ بهِ، والأحاديثُ والآثارُ في هذا كثيرةٌ تدلُّ على جوازِ المبارزةِ لمن عرفَ من نفسِهِ بلاءً في الحربِ، وشدّةً وسَطوةً.

عن جابرِ بنِ عتيك: أنّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " إنّ مِن الغيرةِ ما يحبُّ اللهُ، ومن


= المقصود بكلامه رحمه الله وكذا سقط منه كلمة " إياه " بعد الصلاة والتسليم.
(٦١) البخاري (١٨/ ١١٠).
(٦٢) أبو داود (٢/ ١٢) والنسائي في الكبرى في التحفة ٣/ ٨٨ والترمذي (٤/ ٢٨٠).
(٦٣) أبو داود (٢/ ١٩) وفيه عطاء بن السائب ورواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي، والبيهقي (٩/ ٤٦) من طريقه، وفيه عطاء كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>