للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدَّم حديثُ ابنِ عمرَ في رجمِ اليهوديّ والمرأةِ (٤) اليهوديةِ، فدَلَّ على أنّ الإسلامَ ليسَ شَرْطاً في الإحصان.

فأمَّا الحديثُ الذي رواهُ إسحاقُ بنُ راهوية عن الدَّرَاوَرْدِيّ عن عُبيْدِ الله بنِ عمرَ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ مرفوعاً: " مَنْ أشركَ باللهِ، فليسَ بِمحْصنٍ " (٥)، فإنهُ مُنكرٌ جداً، وإسنادُهُ: على شرطِ مسلمٍ.

ورُويَ من وجهٍ آخرَ عن موسى بنِ عُقبةَ عن نافعٍ، لكنَّ الصحيحَ: أنهُ موقوفٌ على ابنِ عمرَ قولَهُ، كما قرَّرهُ الدارَقُطنيُّ، والبيهقيُّ، وكما رواهُ الجماعة عن نافعٍ، والله أعلم.

ثمَّ بتقديرِ صحّتِهِ فمحمولٌ على الإحصانِ في القذفِ، لا في الزّنا، كما سيأتي هذا كلّهُ، إن سُلِّمَ أنَّ أهلَ الكتابِ يدخلون في مُطْلَقِ اسمِ الشِّركِ، وفيهِ نزاعٌ، واللهُ أعلمُ.

قالَ تعالى: " الزّانيَةُ والزّاني فاجْلِدُوا كلَّ واحِدٍ منْهما مائة جلدة. . الآية ".

عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: قالَ عمرُ بنُ الخَطَّابِ رضيَ اللهُ عنهُ وهو جالسٌ على مِنْبرِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " إنّ اللهَ بعثَ محمداً بالحقِّ، وأنزلَ عليهِ الكتابَ، فكانَ فيما أنزلَ عليهِ آيةُ الرّجْمِ، قرأناها ووعَيْناها، وعقَلْناها، ورجمَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، ورجَمْنا بعدَهُ، فأخشى إنْ طالَ بالناسِ عهد زمانٍ أن يقولَ قائلٌ: ما أرى آيةَ الرّجْمِ في كتابِ اللهِ، وإنَّ الرجْمَ حقٌّ على مَن زنا إذا أُحصن مِن الرّجالِ والنساءِ، إذا قامتِ البيّنةُ، أو كان الحبلُ، أو الاعترافُ " (٦)، أخرجاهُ، ولفظهُ لمسلمٍ.

عن أبي هريرةَ، وزيدِ بنِ خالدٍ رضيَ اللهُ عنهما، قالا: " جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فقالَ: أنشدكَ اللهَ إلا قضيتَ بينَنا بكتابِ اللهِ، فقامَ خصمُهُ، وكانَ أفقهَ منهُ فقالَ:


(٤) تقدم.
(٥) البيهقي (٨/ ٢١٦) من طريقه، ورجح وقفه على ابن عمر.
(٦) البخاري (٨/ ٢٠٩) ومسلم (٥/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>