للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قتادةَ عن حَبيبِ بنِ سالمٍ، قالَ: " رُفِعَ إلى النُّعمان بنِ بَشيرٍ رجلٌ وقعَ على جاريةِ امرأتِهِ، فقالَ: " لأقضينَّ فيها بقضاءِ رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: إن كانتْ أحلّتها لهُ لأجلدنّهُ مائةً، وإنْ لمْ تكنْ أحلَّتها لهُ رجَمْتُهُ " (٢٥)، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السّننِ، وصحَّحهُ أبو حاتِم الرّازيُّ، وتكلَّمَ فيهِ الترمذيُّ، وغيرُهُ.

فيؤخذُ منهُ: أنّ من وطئَ جاريةً مشتركةً بينهُ وبينَ غيرِهِ أنهُ يُعزَّرُ لشبهةِ الملكِ كما هنا، لما أذِنتْ لهُ صارَ إذنُها شُبْهةً في دَرْءِ الحدِّ عنهُ، وصيرَ فيهِ إلى التعزيرِ، لكنهُ عندَ من وقَّتهُ بالمائةِ على مقتضى هذا الحديثِ، كالإمامِ أحمدَ، ومن تبعَهُ نوعٌ من التأديبِ، واللهُ أعلمُ.

وقد رَوى البيهقيُّ عن عمرَ، مثلَ هذا الحديثِ سواء، ثمّ قالَ: لعلّهُ ادّعى جهالةً فعزَّرَهُ.

وقالَ محمدُ بنُ إسحاقَ عن يحيى بنِ عبد الرّحمنِ بنِ حاطبٍ عن أبيهِ، قالَ: " كانَ حاطبٌ قد أعتقَ حينَ ماتَ من رَقيقِه من صامَ منهم وصلّى، وقد كانتْ لهُ جاريةٌ حبشيةٌ قد صامتْ وصلّتْ ولم تفقهْ وتَزوّجتْ، فلم يُرْعَ بها في زمانِ عمرَ بنِ الخطابِ إلا وهي حُبلى من زِنا، فأتيتُ عمرَ، وجئتُ بها، فسألها: أزنيتِ؟، قالتْ: نعمْ من مَرغوشٍ بدرهمين، فقالَ عمرُ: ماذا ترونَ في هذهِ، فقالَ عليٌّ وعبدُالرحمن بنُ عَوفٍ: أقضاءً غيرَ قضاءِ الله، تبغي، وعثمان جالسٌ مقنعاً قابعاً، فقالَ: مالكَ يا عثمانُ لا تتكلمُ؟، قالَ: أشار عليكَ أخواكَ، فقالَ: وأنتَ فأشِرْ، فقالَ: أُراها تستهلُّ بهِ كأنّها لا تعرفهُ، ولا أرى الحدَّ إلى على من عرفَهُ، فقالَ عمرُ: صدقتَ يا عثمانُ، وضربها الحدَّ الأدنى، ونفى عنها الرّجم " (٢٦)، وهذا: إسنادٌ جيّدٌ، ودليلٌ على أنّ من زَنا بامرأةٍ وادّعى أنهُ جهلَ تحريمَ الزّنا لعذرٍ، قُبِلَ منهُ.


(٢٥) أحمد (١٦/ ١٠٠) وأبو دواد (٢/ ٤٦٧) والترمذي (٣/ ٦) والنسائي (٦/ ١٢٤) وابن ماجة (٢٥٥١) والبيهقي (٨/ ٢٤١).
(٢٦) البيهقي عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى (٨/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>