للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيهِ دلالةٌ على سماعِ الشَّعبي من عليٍّ، إلا أنهُ من روايةِ مُجالدٍ عنهُ، واللهُ أعلمُ.

تقدّمَ حديثُ شَدادٍ بنِ أوْسٍ: " إذا قتلتمْ فأحسِنوا القِتْلةَ " (٤٥)، فيُؤخذُ منهُ: أنهُ لا رجمَ في حرٍّ شديدٍ، ولا بردٍ شديدٍ حتّى يزولَ إذا كانَ ثبوتُهُ بالإقرارِ، وهو المنصوصُ عليهِ، واللهُ أعلمُ.

عن عبدِ اللهِ بنِ بُرَيْدةَ عن أبيهِ، قالَ: " جاءتِ الغامديةُ، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، قد زنيتُ فطهّرني، وإنهُ رُدَّها، فلما كانَ الغدُ، قالتْ: لمَ تردّني؟، لعلّكَ أن تردَّني كما رددتَ ماعِزاً، فواللهِ إني لحُبْلى، قالَ: إما لا، فاذهبي حتّى تلدي، فلما ولدتْ، أتتْ بالصّبيِّ في خرْقةٍ، قالتْ: هذا قد ولدتُهُ، قالَ: اذهبي فأرضعيهِ حتّى تفطميهِ، فلما فطَمتْهُ أتتهُ بالصبيِّ في يدهِ كسرةُ خبزٍ، قالتْ: يا نبيَّ اللهِ، قد فطمتُهُ، وقد أكلَ الطعامَ، فدفعَ الصبيَّ إلى رجلٍ من المسلمين، ثم أمرَ بها فحفرَ لها إلى صدرِها، وأمرَ الناسَ فرَجموها - الحديث " (٤٦)، رواهُ مسلمٌ.

وبمقتضاهُ قالَ الأصحابُ هنا: إنها لا تُرجمُ حتّى تَفطِمَ الصّغيرَ، وفرَّقوا بينَ هذا وحالةِ القِصاص باحتمالِ رجوعِها في (٤٧) مدّةِ الرّضاعِ، لأنَّ الحدودَ مبنيّةٌ على المسامحةِ بخلافِ ذلكَ فإنهُ حقُّ الآدميِّ، واللهُ أعلمُ.

وظاهرُ كلامِ المصنّفِ يقتضي أن تُرجَمَ إذا استغنى الولدُ بكبرٍ عنها، وإن لمْ تفطمْهُ.

وقد يُحتجُّ لهُ بالرّوايةِ الأخرى لمسلمٍ من حديثِ سليمانَ بنِ بُرَيْدَةَ عن أبيهِ: " أنها لما وضعتْ، قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: لا نرجمُها وندعُ ولدَها صغيراً ليسَ لهُ من يرضعُهُ، فقامَ رجلٌ من الأنصارِ، فقالَ: إليَّ رضاعهُ، يا نبيَّ اللهِ، قالَ: فرجمها " (٤٨)، وفي الحديثِ: أنهُ حفرَ لها ن معَ أنهُ كانَ إقراراً، وقد قالَ المصنّفُ: وإن ثبتَ بالإقرارِ،


(٤٥) تقدم.
(٤٦) مسلم (٥/ ١٢٠).
(٤٧) هنا بالأصل: فراغ قدر كلمة، ولعل محلها كلمة: " أثناء "، أو ما شابهها.
(٤٨) مسلم (٥/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>