للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدودِكمْ، وسَلَّ سيوفكُمْ، واتّخذوا على أبوابِها المطاهرَ، وجمّروها في الجمعِ " (٢٩)، رواهُ ابنُ ماجة، وليسَ إسنادُهُ بذاكَ، ولكنْ قد رُوِّينا من وجوهٍ أُخرَ كما تقدَّمَ.

فيُؤخذُ منهُ: أنهُ يُكْرَهُ التصدي للحكم في المساجدِ، فإنْ اتفقَ حكومةٌ، فلا بأسَ، لأنهُ عليهِ السلامُ حكمَ بينَ المتلاعنين في المسجدِ كما تقدّمَ.

وفي الصحيحينِ أيضاً عن أبي هريرةَ، قالَ: " أتى رجلٌ من المسلمين رسول اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، وهو في المسجدِ فناداهُ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إني زنيتُ، فأعرضَ عنهُ، فتنحّى تلقاءَ وجههِ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إنّي زنَيْتُ، فأعرضَ عنهُ حتّى شهدَ على نفسِهِ أربعَ شهاداتٍ، فدعاهُ، فقالَ: أبكَ جنونٌ؟، قالَ: لا، قالَ: هلْ أحصنتَ؟، قالَ: نعمْ، قالَ: اذهبوا به فارجموهُ " (٣٠).

استدَل البخاريُّ على جوازِ الحكمِ في المسجدِ، وهو منتزعٌ حسنٌ، ووجهُهُ ظاهرٌ، واللهُ أعلمُ.

عن ابنِ عباسٍ عن رسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، قالَ: " إنَّ لكلِّ شيءٍ شرفاً، وإنَّ أشرفَ المجالسِ، ما استُقبلَ بهِ القبلةُ " (٣١)، رواهُ الحافظُ أبو يَعْلى الموصليُّ في مُسْنَدِه، وليسَ إسنادُهُ بقويٍّ.

وقالتْ قَيْلةُ بنتُ مَخْرَمةَ: " فلما رأيتُ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كالمُتخَشِّعِ في جِلْستهِ، أُرعدتُ من الفَرَقِ " (٣٢)، رواهُ البخاريُّ في الأدبِ، وأبو داودَ، والترمذيُّ، قالَ الزُّهْريُّ: " كانَ عمرُ إذا نزلَ به الأمرُ المُعضلُ، دعا الفتيانَ، فاستشارَهم يبتغي بذلك حدّةَ عقولهم " (٣٣)، رواهُ البيهقيُّ في كتابِ المدخلِ، وهو منقطعٌ.

فيُستحبُّ للحاكم إذا مرَّ بهِ أمرٌ مُشكلٌ أن يشاورَ أهلَ العلمِ، ويشهدُ لهُ حديثُ


(٢٩) ابن ماجة (٧٥٠).
(٣٠) البخاري (٩/ ٨٦) ومسلم (٥/ ١١٦).
(٣١) أخرجه الطبراني (٨/ ٥٩) كما في مجمع الزوائد هكذا، وفيه: متروك.
(٣٢) البخاري في الأدب (١١٧٨) وأبو داود (٢/ ٥٦١) والترمذي في الشمائل (١٢٧).
(٣٣) البيهقي (١٠/ ١١٣) في السنن الكبرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>