للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففيهِ صِحّةُ إقرارِ المريضِ بالمالِ، وأمّا إقرارُهُ لوارثهِ بدينٍ، فقدْ قيلَ إنهُ في معنى الوَصيّةِ لهُ، وقد تقدَّمَ قولهُ عليهِ السّلامُ: " لا وصيّةَ لوارثٍ " (٥).

ورَوى البيهقيُّ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " لا وصيَّةَ لوارثٍ، ولا إقرارَ بدينٍ " (٦)، لكنْ في إسنادِهِ: نوحُ بنُ دَرّاجٍ، وقد قالَ فيهِ يحيى بنُ مَعين: هو كذّابٌ خَبيثٌ.

ورُويَ من وجهٍ آخرَ مُرْسلاً، والقولُ بمقتضاهُ: مذهبُ الأئمةِ الثلاثةِ، وقولٌ عن الإمامِ الشافعيِّ، ولكنْ صحَّحَ الأصحابُ القولَ بالصحّةِ، وهو مذهبُ طاوسٍ، والحسنِ وعَطاءٍ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، ونصرَهُ البخاريُّ في صَحيحِه، واحتجَّ: بأنّ رافعَ بنَ خَديجٍ أوصى: أنْ لا تُكْشفَ الفَزاريّةُ عمّا أُغلقَ عليهِ بابُهَا " (٧)، قالَ: وقالَ بعضُ الناسِ: لا يجوزُ إقرارهُ لسوءِ الظنّ بالوَرَثةِ، وقدْ قالَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " إياكمْ والظنَّ، فإنّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ " (٨)، ولا يَحلُّ مالُ المسلمِ، لقولِهِ عليهِ السلامُ: " آيةُ المنافقِ ثلاثٌ. . . وإذا اؤتمِنَ خانَ " (٩)، قالَ: وقالَ اللهُ تَعالى: " إنَّ اللهَ يأمُرُكمْ أنْ تُودّوا الأماناتِ إلى أهلِها "، فلمْ يخصَّ وارثاً، ولا غيرَهُ.

عن أُميَّةَ المَخْزوميِّ رضيَ اللهُ عنهُ: " أنَّ رسولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُتِيَ بلصٍّ فاعترَفَ اعترافاً، ولمْ يوجدْ معَهُ مَتاعٌ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: ما إخالُكَ سرقتَ، قالَ: بَلى، مرّتين أو ثلاثاً، قالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: اقطعوهُ، ثمّ جيئوا بهِ، فقطعوهُ ثمَّ جاؤوا بهِ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: قلْ: أستغفرُ اللهَ، وأتوبُ إليهِ، فقالَ: أستغفرُ اللهَ، وأتوبُ إليهِ، فقالَ رسولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: اللهمَّ تُبْ عليهِ " (١٠)، رواهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنّسائيُّ، وابنُ


(٥) تقدم.
(٦) البيهقي (٦/ ٨٥) السنن الكبرى.
(٧) البخاري (١٤/ ٤٠).
(٨) البخاري (٢٢/ ١٣٧) ومسلم (٨/ ١٠).
(٩) البخاري (١/ ٢١٨) ومسلم (١/ ٥٦).
(١٠) أحمد (١٦/ ١١٢) وأبو داود (٢/ ٤٤٧) والنسائي (٨/ ٦٧) وابن ماجة (٢٥٩٧)، قلت: وقوله: " إسحاق بن أبي فروة " خطأ من الناسخ كما يظهر، لأنه: إسحاق بن عبد الله بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>