يجب صومُ رمضانَ برؤيةِ هلالهِ، فإنْ لم يُرَ مع صَحْوِ ليلةِ الثلاثين أصبحوا مُفطرين، وإن حال دونه غيمٌ أو قَتَرٌ (*) فظاهرُ المذهب يجبُ صومُه، وإن رُؤي نهاراً فهو لِلَّيلةِ المقبلةِ، وإذا رآه أهلُ بلدٍ لزم الناسَ كلَّهم الصومُ (*).
ــ
(*) قوله: (وإن حالَ دونه غَيْم أو قتر) فظاهرُ المذهب يجبُ صومهُ، قال في المقنع: وعنه: لا يجبُ، وعنه: الناسُ تَبَعٌ للإمام، قال الحافظ بن حجر على قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فافطروا؛ فإن غُمَّ عليكم فاقْدروا له)، وفي رواية:(لا تصوموا حتى تروا الهلال)(١)، وهو ظاهرٌ في النهي عن ابتداء صومِ رمضانَ قبلَ رؤيةِ الهلالِ فيدخل فيه صورةُ الغَيْمِ وغيرها، ولو وقع الاقتصار على هذه الجُملة لكفى ذلك لمن تَمَسَّك به؛ لكن اللفظ الذي رواه أكثرُ الرواةِ أوقع للمخالف شبهةً، وهو قولهُ:(فإن غُمَّ عليكم فاقْدرُوا له)، فاحتمل أن يكون المراد التفرقة بين حُكْم الصَّحْوِ والغَيْمِ فيكون التعليقُ على الرؤيةِ متعلقاً بالصَّحْو، وأما الغيمُ فله حُكم آخر، ويحتمل أن لا تَفْرقة، ويكون الثاني مؤكِّداً للأول، وإلى الأول ذهب أكثرُ الحنابلة، وإلى الثاني ذهب الجمهورُ، فقالوا: المرادُ بقوله: فاقدروا له أي انظروا في الشهر، واحسبوا تمام الثلاثين، ويُرَجِّحُ هذا التأويلَ الرواياتُ الأخرى المُصَرِّحةُ بالمراد من قوله:(فأكملوا العِدَّةَ ثلاثين) ونحوها وأَوْلَى ما فَسَّر الحديثَ الحديثُ انتهى.
(*) قوله: (وإذا رآه أهلُ بلد لزم الناسَ كلُّهم الصومُ). قال في الشرح الكبير: هذا قولُ الليث وبعض أصحاب الشافعي، وقال بعضهم: إن كان بين البلدين مسافةٌ قريبةٌ لا تختلف المَطالعُ لأجلها كبغدادَ والبصرةَ لزم أهلَها الصومُ برؤية الهلال في =
(١) أخرجه البخاري في الصوم: باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (١٩٠٧)، ومسلم في باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم (١٠٨٠).