للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابُ القَطْعِ في السَّرِقَةِ

إذا أخذَ الملتزمُ نِصاباً من حِرْزِ مِثْلِه من مالٍ معصومٍ لا شُبهةَ له فيه على وجهِ الاختفاءِ قُطِعَ (*)، فلا قَطْعَ على مُنتهِبٍ ولا مُختلِسٍ ولا غاصِبٍ ولا خائِنٍ في وديعةٍ أو عاريَّةٍ أو غيرِها، ويُقطَعُ الطَّرَّارُ الذي يَبطُّ الجيبَ أو

ــ

(*) قال في الشرح الكبير: مسألة، فإن دخل الحِرْزَ فأتلفَ فيه نصاباً ولم يُخرجْهُ فلا قَطْعَ عليه، لأنه لم يَسْرِقْ لكن يلزمُه ضمانُه، لأنه أتْلفَه، ولا يُقْطَعُ حتى يُخرجَهُ من الحِرْزِ، فمتى أخرجَهُ من الحِرْزِ فعليه القَطْعُ، سواء حملَه إلى منزلِه أو تركَه خارجاً من الحِرْزِ.

قال في الشرح الكبير: الإبلُ على ثلاثة أضرب، باركةٌ وراعيةٌ وسائرةٌ، فأما الباركةُ، فإن كان معها حافظٌ لها وهي معقولةٌ فهي مُحْرَزَةٌ، وإن لم تكن معقولةً وكان الحافظُ ناظراً إليها أو مستيقظاً بحيث يراها فهي مُحْرَزةٌ، وإن كان نائماً أو مشغولا عنها فليستْ مُحْرَزَةً، لأن العادةَ أن الرُّعاةَ إذا أرادوا النومَ عَقَلُوا إِبَلَهُمْ، ولأن المعقولةَ تُنَبِّهُ النائمَ والمُشْتَغِلَ، وإن لم يكن معها أحدٌ فهي غيرُ مُحْرَزَةٍ، سواء كانت معقولةً أو لم تكن.

وأما الرَّاعِيَةُ فحِرْزُها بنظرِ الرَّاعِي إليها، فما غابَ عن نظرِه أو نامَ عنه فليس بُمحْرَزٍ، لأن الرَّاعِيَةَ إنما تُحْرَزُ بالرَّاعِي ونظرِه، وأما السائرةُ فإنْ كان معها من يسوقُها فَحِرْزُها بنظرِه إليها، سواء كانت مقطَّرَةً أو غيرَ مُقَطَّرَةٍ، فما كان منها بحيثُ لا يراه فليس بمُحْرَزٍ، وإن كان معها قائدٌ فحِرْزُها أن يُكْثِرَ الالتفاتَ إليها والمُداعاةَ لها، وتكونُ بحيثُ يراها إذا التفتَ، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يُحْرِزُ القائدُ إلا التي زمامُها بيدِه، ولنا أن العادةَ في حِفْظِ الإبلِ المقطَّرِة بمُراعاتِها بالالتفاتِ وإمْساكِ زمامِ الأولِ.

<<  <   >  >>