للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب شُروطِ القِصَاص

وهي أربعةٌ:

أحدُها: عصمةُ المقتولِ، فلو قتل مسلمٌ أو ذميٌّ حَرْبياً أو مُرتداً لم يضمنْه بِقصاصٍ ولا ديةٍ (*).

ــ

(*) قال في الاختيارات: ولا يُقتلُ مُسلمٌ بذميٍّ، إلا أن يَقتلُه غيلةً لأخذ مالِه، وهو مذهبُ مالك، قال أصحابُنا: ولا يُقتل حرٌّ بعبدٍ، ولكن ليس في العبد نصوصٌ صحيحةٌ صريحةٌ كما في الذميِّ، بل أَجْوَدُ ما رُوي: مَنْ قَتَلَ عَبْدَه قتلناه، وهذا أنه إذا قتلَه ظُلماً كان الإمامُ وليَّ دمِه، وأيضاً فقد ثبتَ في السُنَّةِ والآثارِ أنه إذا مثَّل بعبدِه عَتَقَ عليه، وهو مذهبُ مالك وأحمد وغيرهما، وقتلُه أعظمُ أنواع المُثْلَةِ فلا يموتُ إلا حُراً، ولكن حريته لم تثبتْ حالَ حياتِه حتى ترثَه عصبتُه، بل حريتُه تثبتُ حُكماً، وهو إذا عَتَقَ كان ولاؤه للمسلمين فيكونُ الإمامُ هو وليُّه فله قتل عبده، وقد يَحتجُّ بهذا من يقول: إن قاتلَ عبدِ غيرِه لسيِّدِه قَتْلُه، وإذا دلَّ الحديثُ على هذا كان هذا القولُ هو الراجحَ، وهذا قويٌّ على قولِ أحمدَ، فإنه يُجَوِّزُ شهادةَ العبدِ كالحرِّ بخلافِ الذمِّي، فلماذا لا يُقتَلُ الحرُّ بالعبدِ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (المسلمونَ تتكافأُ دماؤُهم) (١)، ومن قال: لا يُقتَلُ حرٌّ بعبدٍ يقول: إنه لا يُقتل الذمِّيُّ الحرُّ بالعبدِ المسلمِ، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: ٢٢١]، فالعبدُ المؤمنُ خيرٌ من الذمِّيِ المُشْرِكِ، فكيف لا يُقتلُ به، والسنَّةُ إنما جاءت: (لا يقتل والد بولده) (٢)، فإلْحاقُ الجَدِّ أبي الأمِّ بذلك بعيدٌ اهـ.


(١) أخرجه البخاري، في: باب حرم المدينة من كتاب فضائل المدينة، وفي: باب ذمة المسلمين، من كتاب الجزية. صحيح البخاري ٣/ ٢٦، ٤/ ١٢٢، ومسلم في: باب فضل المدينة، من كتاب الحج ٢/ ٩٩٩.
(٢) أخرجه البيهقي ٨/ ٣٤، وفي إسناده جابر الجعفي، وهو متروك، انظر الإرواء رقم (٢٢١٠).

<<  <   >  >>