الثاني: انتفاءُ الشُّبْهَةِ، فلا يُحَدُّ بِوَطْءِ أَمَةٍ له فيها شِرْكٌ أو لولدِه، أو وَطْءِ امرأةٍ ظنَّها زوجتَهُ أو سُرِّيتَه، أو في نكاحٍ باطلٍ اعتقدَ صحتَه، أو نكاحٍ أو مِلْكٍ مُخْتلَفٍ فيه ونحوه، أو أُكرهتِ المرأةُ على الزِّنَا.
الثالث: ثبوتُ الزِّنَا، ولا يَثْبُتُ إلا بأحدِ أمرين:
أحدهما: أن يُقِرَّ به أربعَ مراتٍ في مجلسٍ أو مجالسَ، ويُصرِّحَ بِذِكْرِ حقيقةِ الوَطْءِ، ولا يَنْزِعُ عن إِقْرارِهِ حتَّى يَتِمَّ عليه الحدُّ (*).
الثاني: أن يَشْهَدَ عليه في مَجْلِسٍ واحدٍ بِزِنَاً واحدٍ يَصِفُونَه أربعةٌ ممنْ تُقْبَلُ شَهادتُهم فيه، سواء أَتَوا الحاكمَ جُملةً أو مُتفرِّقِينَ، وإن حَمَلَتِ امرأةٌ لا زوجَ لها ولا سيِّد لم تُحَدَّ بُمجرِّدِ ذلك (*).
ــ
(*) قوله: "ولا يَنْزِعُ عن إقرارِه حتى يتمَّ عليه الحَدُّ"، قال في الاختيارات: والعقوباتُ التي تُقامُ من حَدٍّ أو تَعْزيرٍ إذا ثَبتَتْ بالبينةِ، فإذا أَظْهرَ مَنْ وجبَ عليه الحَدُّ التوبةَ لم يوثَقْ منه بها فيقامُ عليه، وإن كان تائباً في الباطنِ كان الحَدُّ مُكفِّراً وكان مأجوراً على صَبْرِهِ، وإن جاء تائباً بنفسِه فاعترفَ فلا يُقامُ في ظاهرِ مذهبِ أحمدَ، ونصَّ عليه في غيرِ موضعٍ، كما جزمَ به الأصحابُ وغيرُهم في المُحارَبِينَ، وإن شَهِدَ على نفسِه كما شهدَ به ماعزٌ (١) والغامِدِيَّةُ، واختارَ إقامةَ الحَدِّ عليه أُقيمَ، وإلا لا، انتهى.
(*) قوله: "وإن حَمَلَتْ امرأةٌ لا زوجَ لها ولا سيِّدَ لم تُحَدَّ بمجردِ ذلك"، وعنه أنها تُحَدُّ إذا لم تَدَّعِ شُبهةً، اختاره الشيخ تقي الدين، وقال مالك عليها الحَدُّ إذا كانتْ مُقيمةً غيرَ غريبةٍ إلا أن تَظْهَرَ أماراتُ الإكراهِ.
(١) حديث ماعز روي من غير ما طريقٍ وحديثٍ، فرواه أبو هريرة، وجابر بن عبدالله، وجابر بن سمرة، وعبدالله بن عباس وأبو سعيد الخدري، وانظر إرواء الغليل الأرقام (٢٣٢٢، ٢٣٣٣).