قال: ولو كان في كل مكان لكان في بطن الإنسان وفمه وفي الحشوش، ولوجب أن يزيد بزيادة الأمكنة إذا خلق منها ما لم يكن، ويصح أن يرغب إليه إلى نحو الأرض، وإلى خلفنا ويميننا وشمالنا، وهذا قد أجمع المسلمون على خلافه، وتخطئه قائله».
وقال في كتاب «الذب عن أبي الحسن الأشعري» كذلك: قولنا في جميع المروي عن رسول الله في صفات الله إذا صح من إثبات اليدين والوجه والعينين، ونقول: إنه يأتي يوم القيامة في ظلل من الغمام، وإنه ينزل على السماء الدنيا، كما في الحديث، وإنه مستو على عرشه … ».
إلى أن قال:«وقد بينا دين الأئمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف، ولا تحديد، ولا تجنيس، ولا تصوير، كما روي عن الزهري وعن مالك في الاستواء، فمن تجاوز هذا فقد تعدى وابتدع وضلَّ.
قلت - أي: الذهبي معلقًا-: فهذا النَّفَس نَفَس هذا الإمام، وأين مثله في تبحره وذكائه وبصره بالملل والنحل، فلقد امتلأ الوجود بقوم لا يدرون ما السلف، ولا يعرفون إلا السلب، ونفي الصفات وردها، صُمٌّ بُكْمٌ غتم عَجم، يدعون إلى العقل ولا يكونون على النقل» (١).
فالاستواء خُصَّ بالعرش، وأمَّا القهر والمُلك فهذا عام، فلو كان العرض هو المقصود به؛ فما فائدة تخصيص العرش بالذِّكر.
وتفسير الاستواء بمعنى الاستيلاء لا تَقبله لغة العرب ولا تقبله النصوص كما بَيَّنا.