للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإذا كان له [تعالى] ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل صفات سائر الذوات" (١).

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: "أي: ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأن أسماءه كلها حسنى، وصفاته صفة كمال وعظمة، وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، فليس كمثله شيء؛ لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه" (٢).

ثانيًا: الإجماع:

يقول ابن أبي يعلى: وقد أجمع أهل القبلة: أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية، وأن إثبات الصفات للباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية، وأنها صفات لا تشبه صفات البرية، ولا تدرك حقيقة علمها بالفكر والروية (٣).

وقد ذكر بعض علماء الأشاعرة هذه القاعدةَ في كتبهم، على جهة الإقرار بصحة الاستدلال بها في باب صفات الباري سبحانه، ومن أقوالهم:

قال الغزالي (ت ٥٠٥ هـ) في كتابه (الاقتصاد في الاعتقاد): "ينبغي أن يعتقد أن كلامه سبحانه صفة قديمة ليس كمثلها شيء، كما أن ذاته ذات قديمة ليس كمثلها شيء" (٤).

وقال أبو الحسن الآمدي (ت ٦٣١ هـ) في كتابه (غاية المرام): "نعم؛ لو قيل: إن كلامه [سبحانه] بحروف وأصوات، لا كحروفنا وأصواتنا، كما أن ذاته وصفاته ليست كذاتنا وصفاتنا، كما قال بعض السلف، فالحق أن ذلك غير مستبعد عقلًا … " (٥).


(١) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: ٤٣).
(٢) تيسير الكريم الرحمن للشيخ السعدي (ص: ٧٥٤).
(٣) ينظر: طبقات الحنابلة (٢/ ٢٠٨).
(٤) الاقتصاد في الاعتقاد (ص: ٧١ - ٧٢).
(٥) غاية المرام في علم الكلام (ص: ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>