للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٣٧) «وكلامه كلام غيره من المتكلمين في هذا الباب مثل هذا كثير لمن يَطلبه، وإن كنَّا مُستغنين بالكتاب والسنة وآثار السلف عن كل كلام.

وملاك الأمر: أن يهب الله للعبد حكمة وإيمانًا بحيث يكون له عقل ودين، حتى يفهم ويدين، ثم نور الكتاب والسنة يُغنيه عن كل شيء؛ ولكن كثير من الناس قد صار منتسبًا إلى بعض طوائف المتكلمين، ومحسنًا للظن بهم دون غيرهم، ومتوهمًا أنهم حققوا في هذا الباب ما لم يحققه غيرهم، فلو أُتي بكل آية ما تبعها حتى يُؤتى بشيء من كلامهم.

ثم هم مع هذا مخالفون لأسلافهم غير متبعين لهم، فلو أنهم أخذوا بالهدى، الذي يجدونه في كلام أسلافهم لرُجي لهم مع الصدق في طلب الحق أن يزدادوا هدى، ومَن كان لا يقبل الحق إلا من طائفة معينة، ثم لا يتمسك بما جاءت به من الحق، ففيه شَبَه من اليهود الذين قال الله فيهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٩١].

فإن اليهود قالوا: لا نؤمن إلا بما أنزل الله علينا. قال الله لهم: فلم قتلتم الأنبياء من قبل إن كنتم مؤمنين بما أنزل عليكم، يقول سبحانه: لا ما جاءتكم به أنبياؤكم تتبعون، ولا لما جاءتكم به سائر الأنبياء تتبعون. ولكن إنما تتبعون أهواءكم، فهذا حال مَنْ لم يتبع الحق، لا من طائفته ولا من غيرهم، مع كونه يتعصب لطائفته بلا برهان من الله ولا بيان».

فذلك يقال لمتأخري الأشاعرة: إنكم فضلًا عن كونكم خالفتم كلام السلف من الصحابة والتابعين ومَن سار على نهجهم، أيضًا فأنتم مخالفون لكلام أئمتكم؛ كأبي الحسن الأشعري، والبيهقي، وأبي الطيب الباقلاني ونحو هؤلاء الذين دَوَّنوا في كتبهم إثبات تلك الصفات.

<<  <  ج: ص:  >  >>