للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهم يثبتون هذه الصفات ويقرِّرونها.

كما ذكر شيخ الإسلام هنا أنه وإن كان لا حاجة لذكر أقوال هؤلاء؛ لأن الحُجَّة إنما هي في كلام الله تعالى وكلام رسوله ، ولكن لما كانت نفوس البعض تُعَظِّم طوائف بعينها وأشخاصًا بأعيانهم، فإن في هذا الكلام إفحامًا لهم وإسكاتًا لهم؛ لعلهم يعودون إلى الحق في هذه الأمور، وإن كان بحمد الله في الكتاب والسنة الغُنية والكفاية، ولكن نظرًا لتعظيم هؤلاء في النفوس فإنه لعل ذلك يكون أدعى إلى قبول الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما سبيل الضلال والبدعة والجهل فعكس ذلك أن يبتدع بدعةً برأي رجالٍ وتأويلاتهم، ثم يجعل ما جاء به الرسول تبعًا لها، ويحرف ألفاظه، ويتأول على وفق ما أصلوه

وهؤلاء تجدهم في نفس الأمر لا يعتمدون على ما جاء به الرسول، ولا يتلقون الهدى منه، ولكن ما وافقهم منه قبلوه، وجعلوه حجةً لا عمدة، وما خالفهم تأولوه، كالذين يحرفون الكلم عن مواضعه أو فوضوه، كالذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني" (١)

وقال أيضاً: " وأمّا أهل البدع: فهم أهل أهواء وشبهات، يتّبعون أهواءهم فيما يُحبّونه ويُبغضونه، ويحكمون بالظنّ والشبه؛ فهم يتّبعون الظنّ وما تهوى "الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى. فكلّ فريقٍ منهم قد أصّل لنفسه أصلَ دينٍ صنعه؛ إمّا برأيه وقياسه الذي يُسمّيه عقليّات؛ وإمّا بذوقه وهواه الذي يُسمّيه ذوقيّات ٢؛ وإمّا بما يتأوّله من القرآن، ويُحرّف فيه الكلم عن مواضعه، ويقول إنّه إنّما يتّبع القرآن كالخوارج؛ وإمّا بما يدّعيه في الحديث والسنّة ويكون كذباً وضعيفاً كما يدّعيه الروافض؛ من النصّ والآيات. وكثيرٌ ممّن يكون قد وضع دينه برأيه أو ذوقه يحتجّ من القرآن بما يتأوّله على غير تأويله، ويجعل ذلك حجّة لا عمدة، وعمدته في الباطن على رأيه، كالجهميّة والمعتزلة في الصفات والأفعال، بخلاف مسائل الوعد والوعيد؛ فإنّهم قد يقصدون متابعة النصّ. " (٢)

وقال الشوكاني: "ليس لأحد من العلماء المختلفين، أو من التابعين لهم


(١) انظر مجموع الفتاوى ج ٥/ ٢٩ وج ١٦/ ٤٣٣، ودرء تعارض العقل والنقل ج ١/ ٧ وج ٣/ ٧٧ والصواعق المرسلة ج ٢/ ٤٥٦، و ٦٣٣.
(٢) النبوات لابن تيمية ١/ ٤٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>