للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى﴾ [الإسراء: ١]، وفي مقام الوحي قال سبحانه: ﴿فأوحى إلى عبده ما أوحى﴾ [النجم: ١٠]، وفي مقام الدعوة قال جل وعلا: ﴿وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدًا﴾ [الجن: ١٩]، وفي مقام التحدي قال ﷿: ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا﴾ [البقرة: ٢٣]، فذكره بوصف العبودية.

فعلى العبد أن يسعى جاهدًا في تحقيق العبودية؛ فهي شرفُه ودليل إيمانه؛ كما في الحديثِ: «واعلم أنَّ شرفَ المؤمن قيامُه بالليل» (١).

وهذا مثل لفظ الربوبية أو لفظ العبودية، يعني مثله سواء بسواء، فلفظ الربوبية قد يكون في موضع يقتضي أمرًا آخر إضافة إلى الأمر الأول، فمثلًا: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [الأعراف: ١٢١ - ١٢٢]، فورد لفظ الرب هنا وأريد به رب العالمين، أي: رب جميع العالمين، وهنا خصَّ موسى وهارون مع أنهم من العالمين.

فإذًا لفظ الربوبية الذي هو التربية والإنشاء هناك لموسى وهارون مزية ليست في البقية، وهكذا لفظ العبودية؛ لفظ العبودية قد يُطلق ويراد به العبودية العامة، كما في قوله تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، لكن هناك إضافة في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾، فالجميع عباد.

لكن العبودية هنا في قوله: ﴿إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ -عبودية عامة، وفي قوله: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ -عبودية خاصة.


(١) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (٤٢٧٨)، والحاكم في «المستدرك» (٧٩٢١) من حديث سهل بن سعد ، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (٨٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>