للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٥٧) وكانوا إذا رأوا الرجل قد أغرق في نفي التشبيه من غير إثبات الصفات، قالوا: هذا جهمي مُعَطِّل، وهذا كثير جدًّا في كلامهم، فإن الجهمية والمعتزلة إلى اليوم يسمون من أثبت شيئًا من الصفات: مشبهًا، كذبًا منهم وافتراء، حتى إن منهم مَنْ غلا ورمى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بذلك، حتى قال ثُمَامة بن أشرس من رؤساء الجهمية: ثلاثة من الأنبياء مشبهة؛ موسى حيث قال: ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ﴾ [الأعراف: ١٥٥]، وعيسى حيث قال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦]، ومحمد حيث قال: «ينزل ربُّنا» (١).

وحتى إن جُلَّ المعتزلة تُدْخِل عامَّة الأئمة، مثل: مالك وأصحابه، والثوري وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وإسحاق بن راهويه، وأبي عُبيد وغيرهم، في قِسم المشبهة.

وقد صنف أبو إسحاق؛ إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا سماه: «تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة»، ذكر فيه كلام السلف وغيرهم من معاني هذه الألقاب، وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يُلَقِّب أهل السنة بلقب افتراه، يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد، كما أن المشركين كانوا يُلَقِّبون النبي بألقاب افتروها.

فالروافض تسميهم نواصب، والقدرية يسمونهم مجبرة، والمرجئة يسمونهم شكاكًا، والجهمية تسميهم مشبهة، وأهل الكلام يسمونهم حشوية، ونَوَابت وغثاء وغُثْرًا، إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمي النبي تارة مجنونًا، وتارة شاعرًا، وتارة كاهنًا، وتارة مفتريًا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) انظر: صحيح البخاري كتاب التهجد، بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، برقم (١١٤٥)، ومسلم كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَالْإِجَابَةِ فِيهِ (٧٥٨)، وأبو داود (١٣١٥)، = والترمذي (٤٤٦)، وابن ماجه (١٣٦٦)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٧٥٠٩)، والدارمي (١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>