للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالوا: وهذا علامة الإرث الصحيح والمتابعة التامة؛ فإن السنة هي ما كان عليه رسول الله وأصحابه؛ اعتقادًا واقتصادًا وقولًا وعملًا؛ فكما أن المنحرفين عنه يسمونه بأسماء مذمومة مكذوبة، وإن اعتقدوا صدقها بناء على عقيدتهم الفاسدة، فكذلك التابعون له على بصيرة الذين هم أولى الناس به في المَحيا والممات، باطنًا وظاهرًا».

كما كانت قريش تُسمي النبي تارةً مجنونًا، وتارة شاعرًا، وتارة كاهنًا، وتارة مُفتريًا. فهذه علامة الإرث الصحيح والمتابعة التامَّة؛ فإنَّ السنة هي ما كان عليه رسولُ الله وأصحابه، اعتقادًا واقتصادًا، وقولًا وعملًا.

فلا بد من نصيب من هذا الميراث، فكما آذوا النبي وشتموه وذموه بهذه الألقاب، فلا شك أن مَنْ يرث هذا الميراث الذي هو الحق، لا بد أن يتحمل شيئًا من هذه الشتائم والسباب الذي يقوله هؤلاء، لكن الأمر كما قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٣٢].

فأهل البدع يُسمون مَنْ خالفهم بالألقاب الشَّنيعة للتَّنفير، وبهذا يُسمون أهل السنة بالألقاب التي هم بها أليق، فالرافضة يُسمونهم: نواصب؛ لأنهم زعموا أنهم يُبغضون عليًّا، وقد كذبوا، فليسوا يُبغضون عليًّا، بل يُحبونه، ولكن لا يغلون فيه، ولا يُعطونه غير حقِّه، خلاف الرافضة؛ فقد غلوا فيه، وأعطوه غير حقِّه. وهكذا نُفاة الصِّفات يُسمون أهل السنة: حشوية، ومجسمة، ومُشبهة، وهم في الحقيقة الحشوية، وهم المجسمة، وهم المشبهة الذين شبَّهوه بالمعدومات والنَّاقصات والجمادات، قبَّحهم الله. وهكذا نُفاة القدر، وهكذا المرجئة، كل طائفةٍ تُسمي خصمها بالألقاب الشَّنيعة.

وقال الإمام الحافظ أبو حاتم الرازي: «علامة أهل البدع: الوقيعة في أهل الأثر. وعلامة الجهمية: أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة. وعلامة القدرية: أن يسموا أهل السنة مجبرة، وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية» (١).


(١) نقله عنه الذهبي في «العلو» (ص ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>