للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وهذا هو المذهب الذي حكاه الخَطَّابي وغيره عن السلف، وعليه يدل كلام جمهورهم، وكلام الباقين لا يُخالفه، وهو أمر واضح، فإن الصفات كالذات، فكما أن ذات الله ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس المخلوقات، فصفاته ثابتة حقيقة من غير أن تكون من جنس صفات المخلوقات.

فمن قال: لا أعقل علمًا ويدًا إلا من جنس العلم واليد المعهودين.

قيل له: فكيف تعقل ذاتًا من غير جنس ذوات المخلوقين؟! ومن المعلوم أن صفات كل موصوف تناسب ذاته وتلائم حقيقته، فمَن لم يفهم من صفات الرب-الذي ليس كمثله شيء-إلا ما يناسب المخلوق فقد ضلَّ في عقله ودينه.

وما أحسن ما قال بعضهم: إذا قال لك الجهمي: كيف استوى؟ وكيف ينزل إلى السماء الدنيا؟ وكيف يداه؟ ونحو ذلك؟

فقل له: كيف هو في نفسه؟

فإذا قال لك: لا يَعلم ما هو إلا هو، وكنه الباري غير معلوم للبشر.

فقل له: فالعلم بكيفية الصفة مُستلزم للعلم بكيفية الموصوف، فكيف يمكن أن تُعلم كيفية صفة لموصوف ولم تعلم كيفيته، وإنما تُعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي لك».

وهذا هو المذهب الذي حكاه الخطابي وغيره عن السلف، وعليه يدل كلام جمهورهم، وكلام الباقين لا يُخالفه، أي: أن الله موصوف بهذه الصفات على الوجه الذي يليق بجلاله وكماله ، فكل صفة أثبتها الله ﷿ لنفسه، يجب إثباتها لله حقيقة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تحرَّف، أو تغيَّر، أو تُنفى عن الله ، وإنما يجب أن تُثبت لله على ما يليق بجلاله.

فمن جهة هذا جواب لهم: إن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، وهذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام على وجه التفصيل في «التدمرية»: أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، وهو هنا أشار إلى هذه القاعدة

<<  <  ج: ص:  >  >>