للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واستعاذوا بالله تعالى منها وعلموا أنه لا يعيذهم منه ولا يجيرهم إلا الله تعالى.

فهؤلاء أهل الحق ومن عداهم مفرط في الباطل أو معه باطل وحق، والله تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" (١)

فهنا قال المصنف في أول المسألة: وهذه الروح التي في بني آدم، قد علم العاقل اضطراب الناس فيها، وإمساك النصوص عن بيان كيفيتها؛ فالله استأثر بعلمه في الروح؛ فقال: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٨٥]. أفلا يعتبر العاقل بها عن الكلام في كيفية الله تعالى؟!».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ لَهَا كَيْفِيَّةٌ تُعْلَمُ؟ فَهَذَا سُؤَالٌ مُجْمَلٌ

إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يُعْلَمُ مِنْ صِفَاتِهَا وَأَحْوَالِهَا فَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ.

وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا هَلْ لَهَا مِثْلٌ مِنْ جِنْسِ مَا يَشْهَدُهُ مِنْ الْأَجْسَامِ أَوْ هَلْ لَهَا مِنْ جِنْسِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلَيْسَ كَذَلِكَ

فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْعَنَاصِرِ: الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ وَالنَّارِ وَالتُّرَابِ.

وَلَا مِنْ جِنْسِ أَبْدَانِ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعْدِنِ.

وَلَا مِنْ جِنْسِ الْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ

فَلَيْسَ لَهَا نَظِيرٌ مَشْهُودٌ وَلَا جِنْسٌ مَعْهُودٌ: وَلِهَذَا يُقَالُ؛ إنَّهُ لَا يُعْلَمُ كَيْفِيَّتُهَا" (٢) وقال ابن قيم الجوزية: "أصُول أهل السّنة الَّتِي تظاهرت عَلَيْهَا أَدِلَّة الْقُرْآن وَالسّنة والْآثَار وَالِاعْتِبَار وَالْعقل وَالْقَوْل أَنَّهَا ذَات قَائِمَة بِنَفسِهَا تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وَتخرج وَتذهب وتجيء وتتحرك وتسكن وعَلى هَذَا أَكثر من مائَة دَلِيل قد ذَكرنَاهَا فِي كتَابنَا الْكَبِير فِي معرفَة الرّوح وَالنَّفس وَبينا بطلَان مَا خَالف هَذَا القَوْل من وُجُوه كَثِيرَة وَإِنْ من قَالَ غَيره لم يعرف نَفسه.

وَقد وصفهَا الله بِالدُّخُولِ وَالْخُرُوج وَالْقَبْض والتوفي وَالرُّجُوع وصعودها إِلَى السَّمَاء وَفتح أَبْوَابهَا لَهَا وغلقها عَنْهَا فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي﴾ وَهَذَا يُقَال لَهَا عِنْد الْمُفَارقَة للجسد، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَفس وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها﴾ فَأخْبر


(١) بدائع الفوائد ٢/ ٢٤٥ - ٢٤٦
(٢) مجموع الفتاوى ٩/ ٢٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>