للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما أهل السنة فلا يقولون بهذا ولا يقولون بذاك، كما قال شيخ الإسلام هنا، فإذا كان مذهبنا في حقيقة الروح وصفاتها بين المعطِّلة والممثِّلة، فالروح عين موجودة غير البدن، وليست مماثلة لها، وهي موصوفة بصفات وردت في النصوص من أنها تصعد، ومن أنها يُعرج بها، ومن أنها تُقبض، ومن أنها تتفرَّق في البدن … إلى أمور أخرى جاءت الآثار بذكرها عن الروح.

وقد تعددت الأقوال في وجود النفس وتأثيرها وفي هذا يقول ابن قيم الجوزية: "وقد افترق العالم في هذا المقام أربع فرق:

(القول الأول): ففرقة أنكرت تأثير النفس

وهم فرقتان:

فرقة اعترفت بوجود النفوس الناطقة وأنكرت تأثيرها البتة

وهذا قول طائفة من المتكلمين ممن أنكر الأسباب والقوى والتأثيرات.

وفرقة أنكرت وجودها بالكلية وقالت: لا وجود لنفس الآدمي سوى هذا الهيكل المحسوس وصفاته وأعراضه فقط.

وهذا قول كثير من ملاحدة الطبائعيين وغيرهم من الملاحدة المنتسبين إلى الإسلام وهو قول شذوذ من أهل الكلام الذين ذمهم السلف وشهدوا عليهم بالبدعة والضلالة

(القول الثاني): الفرقة الثانية: أنكرت وجود النفس الإنسانية المفارقة للبدن وهذا قول كثير من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم

(القول الثالث): الفرقة الثالثة: بالعكس أقرت بوجود النفس الناطقة المفارقة للبدن وأنكرت وجود الجن والشياطين وزعمت أنها غير خارجة عن قوى النفس وصفاتها وهذا قول كثير من الفلاسفة الإسلاميين وغيرهم، وهؤلاء يقولون إنما يوجد في العالم من التأثيرات الغريبة والحوادث الخارقة فهي من تأثيرات النفس ويجعلون السحر والكهانة كله من تأثير النفس وحدها بغير واسطة شيطان منفصل.

وابن سينا وأتباعه على هذا القول حتى أنهم يجعلون معجزات الرسل من هذا الباب ويقولون إنما هي من تأثيرات النفس في هيولي العالم وهؤلاء كفار بإجماع أهل الملل وليسوا من أتباع الرسل جملة

(القول الرابع): الفرقة الرابعة: وهم أتباع الرسل وأهل الحق أقروا بوجود النفس الناطقة المفارقة للبدن وأثبتوا ما أثبته الله تعالى من صفاتها وشرها

<<  <  ج: ص:  >  >>