للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمشيئة. (١) (٢)

فالكلابية ومن تبعهم ينفون صفات أفعاله (٣)، ويقولون: "لو قامت به لكان محلاً للحوادث،

والحادث إن أوجب له كمالاً فقد عدمه قبله وهو نقص، وإن لم يوجب له كمالاً لم يجز وصفه به. (٤)

ولتوضيح قولهم نقول: إن المضافات إلى الله سبحانه في الكتاب والسنة لا تخلو من ثلاثة أقسام:

القسم الأول: إضافة الصفة إلى الموصوف

كقوله تعالى: ﴿ولا يحيطون بشيء مِنْ علمه﴾ (٥) وقوله: ﴿إن الله هو الرَّزَّاق ذو القوَّة﴾ (٦) فهذا القسم يثبته الكلابية ولا يخالفون فيه أهل السنة، وينكره المعتزلة.

والقسم الثاني: إضافة المخلوق.

كقوله تعالى: ﴿ناقة الله وسقياها﴾ (٧) وقوله تعالى: ﴿وطهر بيتي للطائفين﴾ (٨) وهذا القسم لا خلاف بين المسلمين في أنه مخلوق.

والقسم الثالث: -وهو محل الكلام هنا-ما فيه معنى الصفة والفعل

كقوله تعالى: ﴿وكلَّم الله موسى تكليما﴾ (٩) وقوله تعالى: ﴿إن الله


(١) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٥.
(٢) -تتميماً للفائدة فإن الخلاف في هذه المسألة على أربعة أقوال:
١ - قول المعتزلة ومن وافقهم: أن الله لا يقوم به صفة ولا أمر يتعلق بمشيئته واختياره وهو قولهم: (لا تحله الأعراض ولا الحوادث).
٢ - قول الكلابية ومن وافقهم: التفريق بين الصفات والأفعال الاختيارية فأثبتوا الصفات، ومنعوا أن يقوم به أمر يتعلق بمشيئته وقدرته لا فعل ولا غير فعل.
٣ - قول الكرامية ومن وافقهم: يثبتون الصفات ويثبتون أن الله تقوم به الأمور التي تتعلق بمشيئته وقدرته، ولكن ذلك حادث بعد أن لم يكن، وأنه يصير موصوفا بما يحدث بقدرته ومشيئته بعد أن لم يكن كذلك، وقالوا لا يجوز أن تتعاقب عليه الحوادث، ففرقوا في الحوادث بين تجددها ولزومها فقالوا بنفي لزومها دون حدوثها.
٤ - قول أهل السنة والجماعة: أثبتوا الصفات والأفعال الاختيارية وأن الله متصف بذلك أزلاً، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة. وهذا هو الصحيح. مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٠، ٥٢٥، ١٤٩.
(٣) -الصفات الفعلية: هي التي تتعلق بمشيئته، أو التي تنفك عن الذات: كالاستواء، والنزول، والضحك، والإتيان، والمجيء، والغضب والفرح. مجموع الفتاوى ٦/ ٦٨، ٥/ ٤١٠.
(٤) -مجموع الفتاوى ٦/ ٦٩، وانظر الرد على هذه الشبهة ٦/ ١٠٥.
(٥) -الآية ٢٥٥ من سورة البقرة.
(٦) -الآية ٥٨ من سورة الذاريات.
(٧) -الآية ١٣ من سورة الشمس.
(٨) -الآية ٢٦ من سورة الحج.
(٩) -الآية ١٦٤ من سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>