للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحكم ما يريد﴾ (١) وقوله تعالى: ﴿فَبَاءُوا بغضب على غضب﴾ (٢)

فهذا القسم الثالث لا يثبته الكلابية ومن وافقهم على زعم أن الحوادث لا تحل بذاته. فهو على هذا يلحق عندهم بأحد القسمين قبله فيكون:

١ - إما قديماً قائماً به.

٢ - وإما مخلوقاً منفصلاً عنه.

ويمتنع عندهم أن يقوم به نعت أو حال أو فعل ليس بقديم ويسمون هذه المسألة: «مسألة حلول الحوادث بذاته» (٣) وذلك مثل صفات الكلام، والرضا، والغضب، والفرح، والمجيء، والنزول والإتيان، وغيرها. وبالتالي هم يؤولون النصوص الواردة في ذلك على أحد الوجوه التالية:

الوجه الأول: إرجاعها إلى الصفات الذاتية واعتبارها منها، فيجعلون جميع تلك الصفات قديمة أزلية، ويقولون: نزوله، ومجيئه وإتيانه، وفرحه، وغضبه، ورضاه، ونحو ذلك: قديم أزلي (٤) وهذه الصفات جميعها صفات ذاتية لله، وإنها قديمة أزلية لا تتعلق بمشيئته واختياره. (٥)

الوجه الثاني: وإما أن يجعلوها من باب «النسب» و «الإضافة» المحضة بمعنى أن الله خلق العرش بصفة تحت فصار مستوياً عليه، وأنه يكشف الحجب التي بينه وبين خلقه فيصير جائياً إليهم ونحو ذلك. وأن التكليم إسماع المخاطب فقط. (٦)

فهذه الأمور من صفات الفعل منفصلة عن الله بائنة وهي مضافة إليه، لا أنها صفات قائمة به. ولهذا يقول كثير منهم: "إن هذه آيات الإضافات وأحاديث الإضافات، وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات. (٧)

الوجه الثالث: أو يجعلوها «أفعالاً محضة» في المخلوقات من غير إضافة ولا نسبة. (٨)

مثل قولهم في الاستواء إنه فعل يفعله الرب في العرش بمعنى أنه يحدث في العرش قرباً فيصير مستوياً عليه من غير أن يقوم بالله فعل اختياري. (٩)


(١) -الآية ١ من سورة المائدة.
(٢) -الآية ٩٠ من سورة البقرة.
(٣) -مجموع الفتاوى ٦/ ١٤٤، ١٤٧.
(٤) -مجموع الفتاوى ٥/ ٤١٢.
(٥) -مجموع الفتاوى ٥/ ٤١٠.
(٦) -مجموع الفتاوى ٦/ ١٤٩.
(٧) -مجموع الفتاوى ٥/ ٤١١، ٤١٢.
(٨) -مجموع الفتاوى ٦/ ١٤٩.
(٩) -مجموع الفتاوى ٥/ ٤٣٧، الأسماء والصفات للبيهقي ص ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>