للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٧١) «ويعلم العليم البصير أنهم من وجه مستحقون ما قاله الشافعي ، حيث قال: «حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنِّعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر»، ويقال: هذا جزاء مَنْ ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام» (١).

ومن وجه آخر، إذا نظرت إليهم بعين القدر-والحيرة مستولية عليهم، والشيطان مستحوذ عليهم-رَحِمتهم ورفقت بهم، أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاءً، وأعطوا فهومًا وما أعطوا علومًا، وأعطوا سمعًا وأبصارًا وأفئدة؛ ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ الله وَحَاقَ بِهِمْ مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون﴾ [الأحقاف: ٢٦]».

من سمات أهل السنة الجمع بين الرحمة واللين والشدة والغلظة، بخلاف غيرهم ممن يأخذ جانبًا من هدي السلف ويدع الجانب الآخر، فيأخذون بالشدة في جميع أحوالهم أو باللين في جميع أحوالهم.

أما أهل السنة فيجمعون بين هذا وهذا، وكل في موضعه، حسب ما تقتضيه المصلحة، ومقتضيات الأحوال.

وهم حقاً كما قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية: "نقاوة المسلمين، فهم خير الناس للناس". (٢)

وقال أيضاً: "وَأَهْلُ السُّنَّةِ يَتَّبِعُونَ الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَلَا يُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ، بَلْ هُمْ أَعْلَمُ بِالْحَقِّ وَأَرْحَمُ بِالْخَلْقِ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ ١١٠]. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كُنْتُمْ


(١) روى هذا الأثر أبو نعيم في «الحلية» (٩/ ١١٦)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص ٧٨).
(٢) منهاج السنة ٥/ ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>