للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ ١١٠]. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "كُنْتُمْ خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ" (١). " (٢)

وقال ابن قيم الجوزية : وهو يتكلم عن أهل السنة: "فكل حق مع طائفة من الطوائف فهم يوافقونهم فيه وهم براء من باطلهم فمذهبهم جمع حق الطوائف بعضه إلى بعض والقول به ونصره وموالاة أهله من ذلك الوجه ونفي باطل كل طائفة من الطوائف وكسره ومعاداة أهله من هذا الوجه فهم حكام بين الطوائف لا يتحيزون إلى فئة منهم على الإطلاق ولا يردون حق طائفة من الطوائف ولا يقابلون بدعة ببدعة ولا يردون باطلا بباطل ولا يحملهم شنآن قوم يعادونهم ويكفرونهم على أن لا يعدلوا فيهم بل يقولون فيهم الحق ويحكمون في مقالاتهم بالعدل والله أمر رسوله أن يعدل بين الطوائف فقال: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ ". (٣)

وقال ابن قيم الجوزية : "والله تعالى يحب الانصاف بل هو أفضل حلية تحلى بها الرجل خصوصا من نصب نفسه حكما بين الاقوال والمذاهب وقد قال الله تعالى لرسوله وأمرت لأعدل بينكم فورثة الرسول منصبهم العدل بين الطوائف وألا يميل أحدهم مع قريبه وذوي مذهبه وطائفته ومتبوعه بل يكون الحق مطلوبه يسير بسيره وينزل ينزوله يدين بدين العدل والإنصاف ويحكم الحجة وما كان عليه رسول الله". (٤)

وقال ابن تيمية: "فَأَهْلُ السُّنَّةِ يَسْتَعْمِلُونَ مَعَهُمُ الْعَدْلَ وَالْإِنْصَافَ وَلَا يَظْلِمُونَهُمْ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ حَرَامٌ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ أَهْلُ السُّنَّةِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، بَلْ هُمْ لِلرَّافِضَةِ خَيْرٌ وَأَعْدَلُ مِنْ بَعْضِ الرَّافِضَةِ لِبَعْضٍ. وَهَذَا مِمَّا يَعْتَرِفُونَ هُمْ بِهِ، وَيَقُولُونَ: أَنْتُمْ تُنْصِفُونَنَا مَا لَا يُنْصِفُ بَعْضُنَا بَعْضًا. " (٥) قال ابن تيمية: "فإن الصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أنه قد يجتمع في الشخص الواحد والطائفة الواحدة ما يحمد به من الحسنات وما يذم به من السيئات، وما لا يحمد به ولا يذم من المباحات، والعفو عنه من الخطأ والنسيان بحيث يستحق الثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته، بحيث لا يكون محمودًا ولا


(١) وَرَدَ هَذَا الْأَثَرُ فِي: الْبُخَارِيِّ ٦/ ٣٧ - ٣٨ كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، بَابُ ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ وَنَصُّهُ فِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قَالَ: خَيْرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ ٢/ ٧٧ ط. دَارَ الشَّعْبِ"
(٢) منهاج السنة النبوية ٥/ ١٥٧
(٣) شفاء العليل ص ١١٣
(٤) إعلام الموقعين ٤/ ١٤٨
(٥) منهاج السنة النبوية ٥/ ١٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>