للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحابك. فقال: أصحابي أكثر من ذلك. فقال: دلني عليهم. فقال: صنفان ممن ينتحل القبلة: الجهمية والقدرية، الجهمي إذا غلا قال ليس ثم شيء وأشار إلى السماء. والقدري إذا غلا قال: هما اثنان، خالق خير وخالق شر فضرب عنقه وصلبه. (١)

وقال عبد الله بن المبارك: (ليس تعبد الجهمية شيئاً) (٢) وقد مضى عصر الصحابة (٣) وعقيدة الإيمان بأسماء الله وصفاته محفوظة مصونة. إلى أن ابتدع الجعد مقالته في أواخر عصر التابعين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام، أعني أن الله ليس على العرش حقيقة، وأن معنى استوى استولى ونحو ذلك هو الجعد بن درهم) (٤)

وأما البعد الثاني: في خطورة هذه المقالة فهو كونها أول مقالة تعارض الوحي بالعقل، فلم تكن المقالات السابقة لهذه المقالة تطعن في الدين من هذا الجانب، فالخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة عند ظهورهم لم يدع أحد منهم أن عنده عقليات تعارض النصوص، وإنما أتوا من سوء الفهم للنصوص والاستبداد بما ظهر لهم منها دون من قبلهم، فكانوا ينتحلون النصوص ويستدلون بها على قولهم، ولا يدعون أنهم عندهم عقليات تعارض النصوص، فأصحاب مقالة التعطيل هم الذين فتحوا هذا الباب العظيم من أبواب الشر إذ طعنوا في نصوص الوحي وقدموا شبههم العقلية عليها. (٥)

وأما البعد الثالث: لهذه المقالة فهو ما أفرزته هذه المقالة من الفرق والآراء المنحرفة، فقد تولد عن هذه المقالة أنماط مختلفة وطروحات غريبة عن جوهر الإسلام وصفائه.

وضربت هذه المقالة أطنابها في الفكر الإسلامي، ولا يتصور مدى الضرر الذي الحقته بحياة المسلمين وعقيدتهم.


(١) كتاب خلق أفعال العباد ص ١١، توضيح المقاصد وتصحيح القواعد ١/ ٤٨.
(٢) السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ١/ ١٠٩ رقم (١٧).
(٣) كان آخر الصحابة موتاً الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، وصحح الذهبي أنه مات سنة عشر ومائة. انظر تدريب الراوي ٢/ ٢٢٨، ٢٢٩.
(٤) -الفتوى الحموية ص ٤٧.
(٥) -انظر درء تعارض العقل والنقل ٥/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>