للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحتمية لهذا: الإعراض عن كلام الله تعالى وكلام رسوله والإعراض عن كلام السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم.

وبالتالي لاشك أن الله تعالى سيسألك عما عملت، ومن دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من عمل به إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء، وقال : «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا» أي من أحيا سُنَّة حسنة فله أجرها «وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً» أي من أحيا سُنَّة سيئة من مثل هذه السنن سنن الضلال فلاشك أن «كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شيء» (١).

فإما أن تُحْيِيَ السُنَّة وتحارب البدعة وإما أن تكون على النقيض من ذلك، ولا يُوهِنُ من عزمك إذا عرفت الحق! كثرة الباطل أو صولة الباطل، فكن مع الحق ولا تبالي، فهنا شيخ الإسلام أسس وعقد مثل هذه المقدمة ليقرر في النفوس أن الصراع ليس فقط في فهم بعض النصوص كما قد يتخيل البعض، وإنما الصراع بين منهج يرفض النصوص رفضاً تاماً ويشكك فيها وبين منهج يعتمد النصوص.

وذكرنا سابقاً أن أهل البدع نوعان: بدعٌ قد يكون لبعض أهلها متمسك في الكتاب والسنة، بمعنى أن لهم أدلة وإن كان ما يستدلون به يعني لا يشهد بما يقولون من وجه آخر، فمثلاً لو جئت إلى أهل الوعيد وهم الخوارج مثلاً تجد أن لهم متمسكاً في النصوص، فيستدلون بأحاديث ونصوص الوعيد، وإن كانوا قد يتجاهلون نصوص الوعد، وقد تجد كذلك للمرجئة متمسك في النصوص؛ لأنهم أخذوا بنصوص الوعد وإن كانوا قد تركوا نصوص الوعيد.

فتجد أن الخلاف في هذه المسائل قد يكون مبني على أدلة في النصوص، لكن الخلاف في مسائل الأسماء والصفات من نوع البدع التي ليس لأهلها متمسك في النصوص، بل إنهم هم بأنفسهم لا يعتمدون النص أصلاً في عقيدتهم.

فإذاً هذا لا يغيب عن ذهنك، وافهمه في صراع المناهج وفي اختلاف الأمة؛ هذا الصراع القائم والحاصل قديماً وحديثاً مرجعه إلى هذا الأمر، والله تعالى من


(١) انظر صحيح مسلم كِتَاب الزَّكَاةِ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، أَوْ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَأَنَّهَا حِجَابٌ مِنَ النَّارِ، برقم (١٠١٧)، والترمذي (٢٦٧٥)، وابن ماجه (٢٠٣)، والنسائي (٢٥٥٤)، والإمام أحمد في المسند أَوَّلُ مُسْنَدِ الْكُوفِيِّينَ (١٩١٥٦)، والدارمي (٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>