للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانت بدعتهم إنما هي من سوء فهمهم للقرآن؛ ولم يقصدوا معارضته، ولكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ المؤمن هو البر والتقي، فقالوا: فمن لم يكن براً تقياً فهو كافر، وهو مخلد في النار؛ ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله، فكانت بدعتهم لها مقدمتان:

"الأولى": أن من خالف القرآن بعمل أو برأي أخطأ فيه فهو كافر.

"الثانية": أن عثمان وعلياً ومن والاهما كانوا كذلك. (١)

وبذلك خرجت الخوارج بجهلهم وعتوهم وتكفيرهم للمسلمين وقتلهم إياهم. (٢) وكانت آراؤهم مفرعة على الجهل وقوة النفوس والاعتقاد الفاسد.

مقالة الشيعة

وحدثت أيضاً في خلافة علي (٣٥ - ٤٠ هـ) بدعة (التشيع) لكن أصحابها كانوا مختفين بقولهم لا يظهرونه لعلي وشيعته، بل كانوا ثلاث طوائف.

الطائفة الأولى:

"الغلاة" المدعين لإلهية علي، وهؤلاء لما ظهر عليهم أحرقهم بالنار، فإنه خرج ذات يوم فسجدوا له، فقال لهم: ما هذا؟ فقالوا: أنت هو. قال: من أنا؟ قالوا: أنت الله الذي لا إله إلا هو. فقال: ويحكم هذا كفر فارجعوا عنه وإلا ضربت أعناقكم، فصنعوا به في اليوم الثاني والثالث كذلك، فأخرهم ثلاثة أيام -لأن المرتد يستتاب ثلاثة أيام-فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من نار فخدت عند باب كنده، وقذفهم في تلك النار، وروى عنه أنه قال:

لما رأيت الأمر أمراً منكراً/ أججت ناري ودعوت قنبراً

والطائفة الثانية:

"السابة" الذين يسبون أبا بكر وعمر، فإن علياً لما بلغه ذلك طلب ابن السوداء الذي بلغه ذلك عنه، وقيل إنه أراد قتله فهرب منه إلى أرض قرقيسيا أي ما تسمى اليوم (قرغيزيا).

والطائفة الثالثة:

"المفضلة" الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر، فأمر بجلدهم، فقد روى عنه أنه قال:


(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣١، ٣٢.
(٢) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري ١/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>