للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرتكب الكبيرة وكذلك مقالة القَدَر، فهذه المقالات أسبق ظهوراً من مقالةِ نفي الصفات، ومقالة نفي الصفات إِنَّما جاءت بعد هذه. (١)

مقالة الخوارج

تأخر زمن ظهور مقالة التعطيل مقارنة بغيرها من المقالات المتقدمة، فلم يكن لمقالة التعطيل وجود في عصر الصحابة وكبار التابعين، وإنما تأخر ظهورها إلى أواخر عصر التابعين من أوائل المائة الثانية. فمقالة تعطيل الصفات ليست بأول المقالات ظهوراً في المجتمع المسلم، فقد سبقها عدة مقالات لعل أولها مقالتا الخوارج والشيعة الذين ظهروا في آخر خلافة علي . (٢)

ولقد كان المسلمون في خلافة أبي بكر وعمر وصدراً من خلافة عثمان متفقين لا تنازع بينهم، وكانوا على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول. (٣) إلى أن حدث في أواخر خلافة عثمان أمور أوجبت نوعاً من التفرق، وقام قوم من أهل الفتنة فقتلوا عثمان سنة (٣٥ هـ)، فتفرق المسلمون بعد مقتل عثمان، ووقعت الفتنة، وأدى ذلك إلى اقتتالهم بصفين سنة (٣٧ هـ)، واتفقوا على تحكيم حكمين، فخرجت الخوارج من ذلك الحين على أمير المؤمنين علي ، وفارقوا جماعة المسلمين إلى مكان يقال له: "حروراء" فكف عنهم إلى أن استحلوا دماء المسلمين وأموالهم، فعلم علي أنهم الطائفة التي ذكرها رسول الله فقاتلهم فهم الفرقة المارقة التي قال فيها النبي : "تمرق مارقة عند فُرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق". (٤)


(١) الناس في ترتيب أهل الأهواء على «أقسام»:
١ - منهم من يرتبهم على زمن حدوثهم، فيبدأ بالخوارج.
٢ - ومنهم من يرتبهم بحسب خفة أمرهم وغِلَظِهِ فيبدأ بالمرجئة ويختم بالجهمية، كما فعله كثير من أصحاب أحمد ، كعبد الله ابنه ونحوه، وكالخلال، وأبي عبد الله بن بطة، وأمثالهما، وكأبي الفرج المقدسي، وكلا الطائفتين تختم بالجهمية؛ لأنهم أغلظ البدع، وكالبخاري في صحيحه فإنه بدأ ب «كتاب الإيمان والرد على المرجئة» وختمه بكتاب التوحيد والرد على الزنادقة والجهمية، ولما صنف الكتاب في الكلام صاروا يقدمون التوحيد والصفات، فيكون الكلام أولاً مع الجهمية) انظر مجموع الفتاوى ١٣/ ٤٩، ٥٠.
(٢) درء تعارض العقل والنقل ٥/ ٢٤٤، مجموع الفتاوى ٦/ ٣٣.
(٣) منهاج السنة ١/ ٣٠٦.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ٣/ ١١٣ ط ١، دار المعرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>