للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويدعم هذا الرأي حادثة وقعت للجعد انتصر فيها لفارسيته.

قال ابن الأثير: "وقيل إن الجعد كان زنديقاً وعظه ميمون بن مهران (١١٧ هـ). فقال: "لشاة قباذ" أحب إلى مما تدين له" (١) فكلمة "شاة قباذ" (٢) كلمة فارسية ف"شاة": معناها "ملك" و"قُباذ": ملك من ملوك الفرس وهو قباذ بن فيروز والد كسرى أنوشروان. "

وعلى كل حال فإن الرجل ثبتت أعجميته، وعلى القول بأن أصول الجعد فارسية، فإن ذلك يدعم مقولة ابن حزم التي يقول فيها: (الأصل في أكثر خروج هذه الطوائف عن ديانة الإسلام أن الفرس كانوا من سعة الملك وعلو اليد على جميع الأمم وجلالة الخطر في أنفسهم، حتى إنهم يسمون أنفسهم الأحرار والأبناء، وكانوا يعدون سائر الناس عبيداً لهم؛ فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، وكانت العرب أقل الأمم عند الفرس خطراً، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، ففي كل ذلك يظهر الله الحق .... فرأوا أن كيده على الحيلة أنجح، فأظهر قوم منهم الإسلام … ) (٣) وبلا شك أن الإسلام وأهله كانوا في تلك العصور في عزة ومنعة وتمكين، ولم يكن يجترئ كافر ولا منافق متعوذ بالإسلام من أبناء اليهود والنصارى وأنباط العراق أن يظهر ما في نفسه من الكفر وإنكار النبوة، فرقاً من السيف، وتخوفاً من الافتضاح. بل كانوا يتقلبون مع المسلمين بغم ويعيشون فيهم على رغم. (٤)

• مولده:

لم تسعفنا كتب التاريخ والتراجم والمقالات بشيء عن تاريخ ولادته، وليس ذلك بمستغرب، فالرجل ضال مبتدع، ولولا ما ابتدعه ما اشتهر وما عرف، إضافة إلى أن العناية بهذا الجانب تعد ضعيفة إلى حد كبير في تراجم السابقين، والجعد لم يعط عناية بتاريخ قتله فضلاً عن أن يعطى عناية بتاريخ مولده.


(١) الكامل ٥/ ٤٢٩
(٢) "قال الجواليقي في المُعْرَب (٢٦٥): و"قباذ" ملك من ملوك الفرس، أعجمي، وقد تكلمت به العرب قديماً. قال عدي بن زيد يذكر من هلك
سَلَبْنَ قُبَاذ رَبَّ فارِسَ مُلْكَهُ وحَشَّتْ بِكَفَّيْهَا بَوَارِقُ آمِدِ"
(٣) الفصل ٢/ ١١٥ - ١١٦
(٤) الرد على الجهمية للدارمي ص ٦ - ٧ بتصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>