أفلا نرضى بكتاب الله ﷿ حكماً ألا نرضى بكلام رسوله ﷺ حكماً؟ وهذا أمرٌ لله تعالى أمرنا به فقال سبحانه: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، وهذا أمرٌ ليس في باب العقيدة وليس في باب الأسماء والصفات فقط، بل في جميع مسائل الدين، أوليس النبي ﷺ قد أكمل هذا الدين وبلغه وتركنا كما قال النبي ﷺ:«قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ»(١).
فإذاً لا يحتاج هذا الدين إلى من يزيد فيه ولا إلى من ينقص فيه ولا إلى من يغير أو يبدل فيه أبداً فهو دينٌ كاملٌ لكن الخلل يأتي من الناس، إما لجهلهم أو لتركهم أو لبعدهم عن الكتاب والسنة.
فمسائل الدين، الواجب على الإنسان أن ينظر فيها بهدي كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ وكلام السلف الصالح، وينظر ماذا قالوا في هذه المسائل، فإذاً قول المصنف ﵀:"قولنا فيه ما قال الله ورسوله ﷺ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين ابتعوهم بإحسان وما قاله أئمة الهدى بعد هؤلاء الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم. "
فهذا هو ما أمرٌ الله تعالى وأخبر به، ألم يقل ﷾: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢].
فنصوص الكتاب والسنة، نطقت به ودعت إليه، فعلى الإنسان أن يرجع في مسائل الدين إلى كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ.
والله ﷾ زكى الصحابة، ولذلك قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾، فانظر إلى قوله ﴿اتَّبَعُوهُمْ﴾، أي ساروا على نهجهم وهديهم، فلو كان نهجهم نهجاً منحرفاً أيقول اتبعوهم؟ أيأمر باتباعهم؟
فإذاً ما يقوله شيخ الإسلام هنا ليس رأياً من عنده، وإنما هو أمرٌ دعت إليه النصوص.
(١) انظر سنن ابن ماجه برقم (٤٣)، والإمام أحمد في المسند (مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ) (١٧١٤٢)، قال الشيخ الالباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه الجزء الأول، صفحة (١١٥): صحيح.