للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عساكر: (وقيل إنه كان من أهل حران) (١)

وقال الذهبي: (وأصله من حران) (٢)

وحران مدينة تقع بالجزيرة الفراتية من أرض العراق ولا يتعارض هذا القول مع ما ذكره ابن كثير في تاريخه حيث قال: (قال غير واحد من الأئمة كان الجعد بن درهم من أهل الشام) (٣)

فالجعد بن درهم حراني المولد والنشأة، وكان يسكن الجزيرة الفراتية في أول أمره، وعمل في تلك الفترة معلماً ومؤدباً لمروان بن محمد لما كان والياً على الجزيرة أيام هشام بن عبد الملك (٤) ثم انتقل بعد ذلك إلى دمشق وسكن فيها (٥) ثم هرب من دمشق إلى الكوفة (٦) كما سنفصله عن قريب.

وإذا كان الجعد قد نشأ بحران وتعلم فيها، فإن حران كانت دار الصابئة المشركين (٧)، وفيها خلق كثير من الصابئة والفلاسفة بقايا أهل دين نمرود والكنعانيين المشركين، وكانت الصابئة إلا قليلاً منهم إذ ذاك على الشرك، وعلماؤهم هم الفلاسفة وكانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل (٨) وكان بها هيكل "العلة الأولى" هيكل "العقل الأول" هيكل "النفس الكلية" هيكل "زحل" هيكل "المشترى" هيكل "المريخ" هيكل "الشمس" وكذلك "الزهرة" و"عطارد" و"القمر".

وكان هذا دينهم قبل ظهور النصرانية فيهم، ثم ظهرت النصرانية فيهم مع بقاء أولئك الصابئة المشركين حتى جاء الإسلام. ولم يزل بها الصابئة والفلاسفة في دولة الإسلام إلى آخر وقت، ولذا لما قدم الفارابي حران في أثناء المائة الرابعة دخل عليهم، وتعلم منهم، وأخذ عنهم ما أخذ من الفلسفة. (٩)

فيكون الجعد قد أخذ مقالته عن هؤلاء الصابئة الفلاسفة الذين يقولون: إنه ليس للرب إلا صفات سلبية أو إضافية أو مركبة منهما. (١٠)


(١) مختصر تاريخ دمشق ٦/ ٥٠
(٢) تاريخ الإسلام وفيات (١٠١ - ١٢٠) (٧/ ٣٣٧ - ٣٣٨).
(٣) البداية ١٠/ ١٩
(٤) مختصر تاريخ دمشق ٦/ ٥٠ تاج العروس ٢/ ٣٢١
(٥) مختصر تاريخ دمشق ٦/ ٥٠ والبداية ٩/ ٣٥٠
(٦) مختصر تاريخ دمشق ٦/ ٥٠ والبداية ٩/ ٣٥٠
(٧) الرد على المنطقيين ص ٢٨٧
(٨) الفتوى الحموية الكبرى ص ٤٨ - ٤٩
(٩) الرد على المنطقيين ص ٢٨٧ - ٢٨٨
(١٠) الفتوى الحموية الكبرى ص ٤٩

<<  <  ج: ص:  >  >>