للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليهود المعروف عنهم الإغراق في التجسيم والتشبيه، ويرى بعض الباحثين المعاصرين أن قتل الجعد كان لسبب سياسي لا لآرائه في العقيدة، ويعلل ذلك بأن خلفاء بني أمية وولاتهم كانوا أبعد الناس عن قتل المسلمين في مسائل تمت إلى العقيدة) انتهى كلام الأرنؤوط وهو كلام مشحون بالطعن والغمز والافتراء، ولست هنا بصدد الرد على جميع ما ورد في هذا النقل من عبارات باطلة، لكن المقصود الرد على زعم من قال بأن الدافع لقتل الجعد كان سياسياً. وقد شارك على سامي النشار الأرنؤوط في هذا الزعم والتسويغ لضلالات الجعد وانحرافاته حيث يقول: (لا نستطيع أن نصدق أن قتله-أي الجعد-كان لآرائه الفكرية، بل يبدو أنه سبب سياسي) (١)

ولكن لم يوضح صاحب الأرنؤوط ولا النشار ما هو الدافع السياسي وراء قتل الجعد، فبقيت دعواهم مجرد استنتاج لا دليل عليه ولا برهان، وهو استنتاج لا يقوم على أساس من الواقع، ويحق لنا أن نسأل ما هو الدافع السياسي المزعوم، وأي ثقل كان الجعد يشكله في الساحة السياسية آنذاك، خاصة إذا علمنا أنه من الموالي والعمل السياسي آنذاك بيد العرب فهم الولاة وهم القادة وهم أهل الحل والعقد والرأي والمشورة، ولذلك كان يحسب لهم حسابهم في كل تحرك سياسي على عهد الأمويين، ولم يكن للموالي دور سياسي إلا في عهد العباسيين ولذلك فإن هذه الدعوى أوهن من بيت العنكبوت. والحقيقة أن قتل الجعد كان لزندقته وإلحاده (٢) وفي هذا يقول ابن تيمية: «فضحى بالجعد خالد بن عبد الله القسري بواسط على عهد علماء التابعين وغيرهم من علماء المسلمين، وهم بقايا التابعين في وقته: مثل الحسن البصري وغيره الذين حمدوه على ما فعل، وشكروا ذلك.» (٣)

وما كنت لأسطر هذه الكلمات إلا إحقاقاً للحق ودفاعاً عنه، والله أسأل أن ينفع بما كتبت.

• أقوال العلماء فيه

قال اللالكائي: عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سمعت أبي يقول: (أول من أتى بخلق القرآن جعد بن درهم) (٤)


(١) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام ١/ ٣٣١.
(٢) مقالات في المذاهب والفرق ص ٧٤.
(٣) مجموع الفتاوى ١٢/ ٣٥٠.
(٤) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ٣/ ٣٨٢ رقم ٦٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>