(٥)"فإن معرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية، وأفضل ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس، وأدركته العقول، فكيف يكون ذلك الكتاب، وذلك الرسول وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الكتاب اعتقادًا وقولاً؟!
ومن المحال أيضًا أن يكون النبي ﷺ قد علَّم أُمَّتَه كل شيء حتى الخراءة.
وقال:«تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك».
وقال فيما صح عنه أيضًا:«ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم».
وقال أبو ذر ﵁:«لقد توفي رسول الله ﷺ وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا».
وقال عمر بن الخطاب ﵁:«قام فينا رسول الله ﷺ[مقامًا] فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه» رواه البخاري.
قول المصنف: "فإن معرفة هذا أصل الدين، وأساس الهداية" لا شك أن أعظم أبواب الدين وأهمها وأصلها هو الإيمان بالله وتوحيده ﷾ لأنه على أساسه يقوم الدين، ألم يقل الله ﷾ لنبيه ﷺ: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾، والشرك ضد التوحيد، فلو اختل التوحيد لحبط العمل وبطل الدين، فهو الأصل والأساس.
وقول المصنف: "فإن معرفة هذا" أي معرفة أسماء الله وصفاته "أصل الدين وأساس الهداية، بل وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب، وحصلته النفوس"، أي أن أفضل شيء هو أن تعرف الله ﷾؛ لأنك إن عرفت الله عبدت الله اتقيته وخفته وحدثت الخشية والرجاء والخوف والإنابة والمحبة، وغير ذلك من الأمور كل هذا يأتي بعد معرفة الله ﷾.
وقال المصنف: "فكيف يكون ذلك الكتاب، وذلك الرسول وأفضل خلق الله بعد النبيين لم يحكموا هذا الباب اعتقادًا وقولاً؟! " أي أيعقل أن يكونوا قد تركوا هذا الباب ولم يحكموه ولم يتقنوه حتى يأتي هؤلاء ويأتوا بشيءٍ من عند أنفسهم ويهجروا