للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكتاب والسنة؛ بحجة أن الكتاب والسنة لم يتكلما في هذه المسائل أو لم تتقن ولم تحكم هذه المسائل، هل هذا يتصوره مسلم؟

وقال المصنف: "ومن المحال أيضاً أن يكون النبي قد علَّم أُمَّتَه كل شيء" نعم والله لم يمت النبي إلا وقد علم الأمة كل ما تحتاج إليه من أمر دينها، فقد بين ووضح حتى أنه في حجة الوداع أشهد الناس فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ» (١)، فقالوا: بلى، فكان النبي يرفع أصبعه السبابة إلى السماء فيقول: اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاثاً» فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فيقول: وقال : «تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ» (٢)، ويقول: «إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبيٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقّاً عَلَيْهِ»، أي واجباً عليه «أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ» (٣).

هذا كلامه ، أخبر أنه قد بين ووضح وبلغ، فهل يُعقل أنه ترك هذا الباب ولم يوضح ما يجب فيه ولم يبين ما يجب اعتقاده فيه؟ هذا محال، وأصحابه شهدوا بأن النبي قد علمهم وبلغهم وأفهمهم أمور دينهم حتى يقول أبو ذر: " لَقَدْ تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ ، وَمَا يُحَرِّكُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلَّا أَذْكَرَنَا مِنْهُ عِلْمًا " (٤) بمعنى أن النبي كان يبين لهم كل شيء.

وقال عمر: " قَامَ فينا رسولُ اللَّهِ -مَقَاما، فَأخبَرَنَا عنْ بَدءِ الخَلقِ حتى دَخَلَ أهلُ الجنةِ مَنَازِلَهُم، وأهلُ النَّارِ منازِلَهم " (٥) أي تحدث من بدء الخليقة إلى دخول الناس إلى الجنة وإلى النار. " حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ".


(١) انظر صحيح البخاري كِتَابُ المَغَازِي، بَابُ حَجَّةِ الوَدَاعِ، برقم (٤٤٠٦)، ومسلم كِتَابُ الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ، بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ (١٦٧٩)، والإمام أحمد في المسند أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ (٢٠٣٨٦)، والدارمي (١٩٥٧).
(٢) تقدم تخريجه، انظر صفحة رقم (٧).
(٣) انظر صحيح مسلم كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ الْأَمْرِ بالْوَفَاءِ بِبَيْعَةِ الْخُلَفَاءِ، الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، برقم (١٨٤٤)، وابن ماجه (٣٩٥٦)، والنسائي (٤١٩١)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٦٧٩٣).
(٤) انظر مسند الإمام أحمد مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ برقم (٢١٣٦١)، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في حاشية المسند الجزء (٣٥) صفحة (٢٩٠): حديث حسن.
(٥) انظر صحيح البخاري كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧]، برقم (٣١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>