فهؤلاء الصابئة بقايا دين النمرود كان لهم خطَّان، خط فلسفي، وخط وثني. فالخط الفلسفي عند علمائهم، والخط الوثني عند عبادهم وعوامهم، فقال المصنف هنا:"فَكَانَتْ الصَّابِئَةُ -إلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ-إذْ ذَاكَ عَلَى الشِّرْكِ، وَعُلَمَاؤُهُمْ هُمْ الْفَلَاسِفَةُ" إذًا كان عندهم بقايا فلسفة، وبعد هذا بين شيخ الإسلام، أن لفظ الصابئة جاء في القرآن في موضعين: في موضع ذم، وفي موضع مدح؛ لأن أوائل الفلاسفة كانوا يقرُّون بوجود الله تعالى، وإنما عُرِف القول بقدم العالم وإنكار وجود الله من عهد أرسطو، بدأ أرسطو هو الذي ينكر وجود الله ﷾.
فالصابئة الذين أثني الله عليهم في القرآن، كانوا أناساً يعبدون الله تعالى على غير شريعة، أي على غير اتباع نبيٍّ بعينه، فهذا قسْمٌ من هؤلاء، وقد ذكرهم الله ﷾