حرف، وكل كلمة تحتاج إلى قاموس لا يستطيع فهمه إلا من تربى على أيديهم، فلا يمكن أن يأتيك الواحد منهم ويقول لك مباشرة: إن وجود الله تعالى وجود ذهني لا حقيقة له في الخارج، هذه المسألة لا يمكن أن يقولها صراحة لكن يغلِّفها بغلاف فلسفي وعبارات فلسفية، حتى إذا قرأتها لم تفهم منها حرفًا، فمعنى "واحد بسيط لا تكثر فيه"؟! وما معنى "الوجود"؟! وما معنى "لا قسمة له لا في الكَمِّ ولا في الكيف؟! ولا في المعقول ولا في اللامعقول؟! ولا في المتناهي ولا في اللامتناهي؟! ولا في الهيلولي ولا في الصورة"؟!
كل هذا الكلام بحاجة إلى قاموس يوضح معنى كل عبارة وماذا تعني.
فإذًا هذا هو أصل كلام هؤلاء، ومن يدرس طريقة الفلسفة، وحبذا لو يقرأ كتاب ابن تيمية [الرد على المنطقيين] فقد أشار إلى شيء من تاريخ الفلاسفة، ومن أقوالهم، ومقالاتهم، ومن ضمنهم هؤلاء فلاسفة حران، وحران في بلاد الشام. وعلى التقسيم السياسي الآن تقع قرب الحدود التركية.
المصنف أراد هنا أن ما دامت المسألة تتعلق بحران، أراد أن يشير إشارة إلى الفارابي، لأن الفارابي هو أول من ترجم كتب أرسطو، وأرسطو هو أول الفلاسفة القائلين بقدم العالم، فقد أخذ الفارابي كتب أرسطو وترجمها إلى العربية، وحاول أن يصبغها بصبغة الإسلام. فالفارابي معروف تاريخه أنه من الفلاسفة الزنادقة، وكان يشتهر بالموسيقى، حتى أنهم ينسبون إليه أنه هو أول من اخترع آلة القانون، هذا من آلات الموسيقى هذا تاريخه هذا يعني مجده الذي يرجع إليه، وكما يقول يعني ابن كثير:"إن كان مات على ما كان عليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" فهو أول من ترجم كتب أرسطو، وابن سينا عيال على الفارابي في هذه المسألة، فأول من ترجم كتب هذا الملحد، يعني بشاعة هذا كمن يأخذ يعني مبادئ ستالين أو لينين ويأخذها ويترجمها إلى العربية، فكيف تأخذ كلام ملحد من ملاحدة اليونان ينكر وجود الله تعالى؟، وهو أول من قال بقدم العالم، ثم تُتَرْجِم هذا وتنقله إلى المسلمين، وتصبغه بصبغة إسلامية كالذي صبغ الشيوعية بصبغة إسلامية وسماها اشتراكية في الإسلام، فأراد أن يخضع الإسلام للاشتراكية، وأراد هذا أن يخضع الإسلام للفلسفة، فهذا في بشاعة هذا بل إن ذاك أبشع منه.