للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان على الشرك، وعبادة الكواكب، وبناء الهياكل، "فأولئك الصابئون" يقصد بهم الذين دخل عليهم الجعد كانوا إذ ذاك كفارًا أو مشركين، وكانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل.

"وَمَذْهَبُ الْنُّفَاةِ مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الرَّبِّ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا صِفَاتٌ سَلْبِيَّةٌ أَوْ إضَافِيَّةٌ أَوْ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا وَهُمْ الَّذِينَ بُعَثَ إلَيْهِمْ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ فَيَكُونُ الْجَعْدُ قَدْ أَخَذَهَا عَنْ الصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ. " ومذهب النفاة من هؤلاء الذين هم فلاسفتهم: أنه ليس له إلاَّ صفات سلبية أو إضافية أو مركَّبة منهما، ويقصد بهؤلاء الذين تلقَّى عنهم الجعد وأخذ منهم الجعد، فقد كانوا أصحاب فلسفة صابئة، وفلاسفة الصابئة كان قولهم في هذه المسائل: عدم إثبات صفات الله تعالى، إذ أنه كما أسلفنا الفلاسفة عمومًا لا يرون أن هناك وجودًا لله تعالى على الحقيقة.

وبالتالي يدور كلامهم بين صفات سلبية أو إضافية.

فالسلبية مثل قولهم: لا داخل العالم، ولا خارجه، ولا فوقه، ولا تحته، ولا مباين، ولا، ولا … وتأتي اللاأت اللامتناهية، هذا جانب.

والإضافية مثل قولهم عنه: واجب الوجود، هي عبارات في حقيقتها لا تدل على أنه له صفة ثابتة، وهي عبارات يثبتونها، المقصد منها أنه ليس لله ﷿ صفات والإضافات عندهم هي أمر لا يتعلق بالذات، لأنهم في حقيقتهم لا يريدون إثبات ذاته، بل أمر خارج عن الذات كما يقولون: واجب الوجود.

فإذا قلت لهم: ما واجب الوجود؟ قال قائلهم: "واحد بسيط لا تكثر فيه بوجه من الوجوه، ولا قسمة له لا في الكَمِّ، ولا في الكيف، ولا في المعقول، ولا في اللامعقول، ولا في الهيلولي، ولا في الصورة، ولا، ولا، ولا … " عبارات منتهاها أنه في الذهن دون الخارج، أنه موجود وجودًا ذهنيًا في الخيال لا حقيقة له، فهذا كلامهم يقول لك: "واحد بسيط"، وهذه عبارات فلسفية، لابد لفهمها أن تنظر إلى تفسير معنى الواحد عندهم، فهم لا يقصدون بالواحد الوحدانية، وهكذا معنى البسيط عندهم؟

إذًا قولهم "واحد بسيط" معناه: أن وجوده وجوداً مطلقاً أي وجود ذهني، فلو فسرت هذا في عباراتهم لوجدت أن معنى الواحد عندهم: هو الوجود المطلق الذي هو في الخيال لا في الحقيقة.

وهذا هو السِتَار الذي استطاع به هؤلاء أن ينشروا كتبهم، ويبثوا مقالاتهم لأن كل

<<  <  ج: ص:  >  >>