للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: لا أصلي لمن لا أعرف، ثم اشتق هذا الكلام» (١).

وروى أحمد بن حنبل عن علي بن عاصم أنه قال: «ذهبت إلى محمد بن سوقة، فقال: ههنا رجل قد بلغني أنه لم يصل، فمررت معه إليه، فقال: يا جهم، ما هذا؟ بلغني أنك لا تصلي.

قال: نعم. قال: مذ كم؟ قال: من تسعة وثلاثين يوما، واليوم أربعين. قال: فلم لا تصلي؟ قال: حتى يتبين لي لمن أصلي. قال: فجهد به ابن سوقة أن يرجع، أو أن يتوب، أو يقلع، فلم يفعل. فذهب إلى الوالي، فأخذه فضرب عنقه وصلبه» (٢).

وقال الملطي: «وإنما سموا جهمية لأن جهم بن صفوان كان أول من اشتق هذا الكلام من كلام السمنية -صنف من العجم بناحية خراسان. وكانوا شككوه في دينه حتى ترك الصلاة أربعين يوما، وقال: لا أصلي لمن لا أعرفه، ثم اشتق هذا الكلام، وبنى عليه من بعده» (٣). وقال الصفدي: «ترك الصلاة أربعين يوما فأنكر عليه الوالي فقال: إذا ثبت عندي من أعبده صليت له، فضرب عنقه» (٤).

ونقل اللالكائي من كتاب ابن أبي حاتم عن أبي معاذ خلف بن سليمان البلخي أنه قال: «كان جهم على معبر ترمذ، وكان رجلاً كوفي الأصل، فصيح اللسان، لم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم. كان تكلم كلام المتكلمين، وكلمه السمنية، فقالوا له: صف لنا ربك الذي تعبده. فدخل البيت لا يخرج كذا وكذا (وفي رواية: قال لهم: أجلوني، فأجلوه) ثم خرج عليهم بعد أيام، فقال: هو هذا الهواء، مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلو منه شيء. ثم قال: أبو معاذ: كذب عدو الله، إن الله في السماء على عرشه وكما وصف نفسه» (٥). وقال محمد بن سلام البيكندي في كتابه السنة والجماعة: «وكان جهم -فيما بلغنا-لا يعرف بفقه ولا ورع ولا صلاح، أعطي لساناً منكراً، فكان يجادل ويقول برأيه. يجادل السمنية، وهم شبه المجوس، يعتقدون الأصنام، فكلمهم، فأحرجوه حتى ترك الصلاة أربعين يوما، لا يعرف ربه. وكلامهم يدعو إلى الزندقة، وكلامهم وصفناه لغير واحد من أهل الفقه والبصر، فمالوا آخر أمرهم إلى الزندقة، والرجل إذا رسخ في كلامهم ترك الصلاة


(١) كتاب الإبانة لابن بطة كتاب الإيمان (١/ ٣٨١).
(٢) تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ١٢١ - ١٩١ هـ، ص ٦٧).
(٣) التنبيه والرد (ص ٩٦).
(٤) الوافي بالوفيات (١١/ ١٦٠ - ١٦١).
(٥) شرح أصول الاعتقاد للالكائي (٣/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>